عرافة وتقديم الإعلامية رنا أبو حنّا.. الإحتفاء بالأستاذ عبد الرّحيم الشّيخ يوسف في نادي حيفا الثّقافيّ

ٱلْـحُضُورُ ٱلْـكَرِيمُ..

مَسَاءٌ حَيْفَاوِيٌّ مُطَرَّزٌ بِأَلْوَانِ ٱللُّغَةِ وَخُيُوطِ ٱلذِّكْرَى، حَيْثُ نَلْتَقِي ٱلْيَوْمَ فِي نَادِي حَيْفَا ٱلثَّقَافِيِّ لِنَحْتَفِيَ بِقَامَةٍ تَرْبَوِيَّةٍ وَفِكْرِيَّةٍ وَأَدَبِيَّةٍ مِنَ ٱلطِّرَازِ ٱلرَّفِيعِ:

ٱلْأُسْتَاذُ عَبْدُ ٱلرَّحِيمِ ٱلشَّيْخُ يُوسُف، ٱبْنُ مَدِينَةِ ٱلطِّيبَةِ، ٱلْمُرَبِّي وَٱلْكَاتِبُ وَٱلْأَدِيبُ، وَٱلْعَاشِقُ لِلُغَتِنَا ٱلْعَرَبِيَّةِ.

أَبُو بَشِيرٍ صَوْتٌ مُثَقَّفٌ مَيْدَانِيٌّ، مِنْ جِيلٍ حَمَلَ مَشَاعِلَ ٱلْوَعْيِ وَٱلتَّرْبِيَةِ فِي زَمَنٍ كَانَتْ فِيهِ ٱلتَّحَدِّيَاتُ أَكْبَرَ مِنَ ٱلْإِمْكَانِيَّاتِ. ٱخْتَارَ أَنْ يَكُونَ لِلْكَلِمَةِ رِسَالَتُهَا، وَلِلْمَوْقِفِ مَبْدَؤُهُ، وَلِلتَّرْبِيَةِ نَهْجُهَا ٱلثَّابِتُ.

لَمْ يَكْتَفِ بِٱلْكِتَابَةِ مِنْ عَلَى ٱلرُّفُوفِ، بَلْ خَاضَ غِمَارَ ٱللُّغَةِ فِي مَيَادِينِهَا، رَفَعَ رَايَةَ ٱلْقَلَمِ، وَكَتَبَ صَفَحَاتٍ مُشْرِقَةً فِي ذَاكِرَتِنَا ٱلْفِلَسْطِينِيَّةِ بِنُورٍ مِنَ ٱلْتِزَامٍ، وَبِحِبْرٍ مِنْ ٱنْتِمَاءٍ.

كَانَ حُضُورُهُ فِي ٱلْمَيْدَانِ مِرْآةً لِفِكْرٍ صُلْبٍ، يُؤْمِنُ أَنَّ بِنَاءَ ٱلْإِنْسَانِ هُوَ  اللَّبِنَةُ الأُولَى فِي مُقَاوَمَةِ ٱلنِّسْيَانِ، وَأَنَّ إِشْعَالَ شَمْعَةٍ فِي عَتْمَةِ ٱلْوَاقِعِ أَجْدَى مِنْ لَعْنِ ٱلظَّلَامِ.

وَٱسْمَحُوا لِي أَنْ أُشَارِكَكُمْ بِشَهَادَةٍ عَنْ أُسْتَاذٍ سَقَى أَرْوَاحَ طُلَّابِهِ مِنْ نَبْعِ ٱلْعَرَبِيَّةِ، وَأَنَارَ أمامهم طَرِيقَ ٱلْعِشْقِ لِلُغَةِ ٱلْهُوِيَّةِ وَٱلِٱنْتِمَاءِ.

حَدَّثَتْنِي ٱلصَّدِيقَةُ ٱلْغَالِيَةُ، ٱلْمُخْرِجَةُ وَٱلْمُبْدِعَةُ ٱلْقَدِيرَةُ، مَرْوَى جَبَّارَة، عَنْ أُسْتَاذِهَا ٱلْكَبِيرِ، ٱلْأُسْتَاذِ عَبْدِ ٱلرَّحِيمِ ٱلشَّيْخِ يُوسُف. وَمَرْوَى ٱبْنَةُ ٱلرَّاحِلَيْنِ عَبْلَة وَشَاكِر جَبَّارَة، ٱلْمَسْكُونَةُ بِٱلْإِحْسَاسِ ٱلْعَالِي وَٱلْإِبْدَاعِ ٱلْكَبِيرِ، حدثتني قائلة:

فِي إِحْدَى حِصَصِ ٱللُّغَةِ ٱلْعَرَبِيَّةِ أَخَذْتُ أَحْفِرُ عَلَى مَقْعَدِي ٱلْخَشَبِيِّ عِلم فِلَسْطِين، فَٱنْتَبَهَ إِلَيَّ أُسْتَاذِي، وَمَا زِلْتُ مَذْهُولَةً حَتَّى ٱلْيَوْمِ مِنْ رَدَّةِ فِعْلِهِ.

قال لي:

“مَرْوَى، إِنْتِ بِتْقِدْرِي أَكْثَر مِنْ هَيْك، أَكْثَر مِنْ إِنِّك تحْفُرِي ٱلْعَلَم عَلَى ٱلْبَنْك، بِتْقِدْرِي تِرْفَعِيه.. ترفعي العلم بالعلم  بِٱلْمُثَابَرَةِ، بِٱلتَّحْصِيلِ…”

وَهٰذَا مَا فَعَلَتْهُ تِلْمِيذَتُكَ، أُسْتَاذَنَا ٱلْفَاضِلُ، وَغَيْرُهَا ٱلْمِئَاتُ وَرُبَّمَا ٱلْآلَافُ مِمَّنْ تَتَلْمَذُوا عَلَى يَدَيْكَ.

نَحْتَفِلُ ٱللَّيْلَةَ بِكِتَابَيْنِ يُشَكِّلَانِ حَجَرَ ٱلزَّاوِيَةِ فِي تَوْثِيقِ ٱلتَّجْرِبَةِ ٱلْفِلَسْطِينِيَّةِ ٱلدَّاخِلِيَّةِ:

🔹 أَوَّلًا: صَفَحَاتٌ مِنَ ٱلذِّكْرَيَات

كِتَابٌ لَيْسَ مُجَرَّدَ سِيرَةٍ ذَاتِيَّةٍ، بَلْ شَهَادَةٌ حَيَّةٌ عَلَى حَيَاةِ ٱلْفِلَسْطِينِيِّينَ فِي ٱلدَّاخِلِ مُنْذُ ٱلْأَرْبَعِينِيَّاتِ وَحَتَّى مَطْلَعِ ٱلْأَلْفِيَّةِ.

يَرْوِي ٱلْمُؤَلِّفُ فِي نَصٍّ إِنْسَانِيٍّ صَادِقٍ، طُفُولَتَهُ، وَمَرَاحِلَ تَعْلِيمِهِ، وَعَمَلَهُ فِي كَفْرِ مَنْدَا وَيَافَا.

هُنَا، يَلْتَقِي ٱلْخَاصُّ بِٱلْعَامِّ، وَٱلْفَقْدُ بِٱلْأَمَلِ، وَٱلتَّعْلِيمُ بِٱلْمُقَاوَمَةِ.

وَكَأَنَّنَا نَقْرَأُ سِيرَةَ فَرْدٍ تُجَسِّدُ ذَاكِرَةَ جِيلٍ، بَلْ حَيَاةَ شَعْبٍ بِأَكْمَلِهِ.

🔹 ثَانِيًا: جَوَلَاتٌ فِي بَسَاتِينِ بِنْتِ عَدْنَان

يُرَافِقُ ٱلْقَارِئُ فِي هٰذَا ٱلْكِتَابِ ٱلْمُؤَلِّفَ فِي بُسْتَانِ بِنْتِ عَدْنَان،  حيث ٱلْمَحَطَّاتِ ٱللُّغَوِيَّةِ المتنوعة فِي ٱلْفُرُوقِ، وَٱلْأَمْثَالِ، وَٱلْأَلْغَازِ، وَبَهَاءِ ٱلْبَلَاغَةِ.

هي رِحْلَةٌ فِكْرِيَّةٌ، لُغَوِيَّةٌ، وَأَدَبِيَّةٌ، تَجُوبُ مَجَاهِلَ ٱللُّغَةِ وَتَسْتَكْشِفُ جَوَاهِرَهَا..تغْرِسُ فَسَائِلَ ٱلْمَعْرِفَةِ فِي تُرْبَةِ ٱلْقَلْبِ وَٱلْعَقْلِ مَعًا.. وتضْفى عَلَى ٱلْأَدَبِ رُوحًا مُعَاصِرَةً فِيهَا ٱلْأَصَالَةُ وَٱلْجَمَالُ.

هَذَا ٱلْكِتَابُ، بُسْتَانٌ لِلْبَاحِثِ، وَمُتَنَزَّهٌ لِلْمُحِبِّ، وَمَدْرَسَةٌ لِلْمُعَلِّمِ، وَكَنْزٌ لِلطَّالِبِ. فِيهِ مِنَ ٱلدِّقَّةِ ٱللُّغَوِيَّةِ مَا يَسُدُّ ثَغَرَاتِ ٱلنِّسْيَانِ، وَفِيهِ مِنَ ٱلْقَصَصِ وَٱلْحِكَمِ وَٱلطَّرَائِفِ وَٱلْبَلَاغَةِ مَا يَجْعَلُ ٱلْقِرَاءَةَ فِيهِ سَفَرًا لَا يُمَلُّ.

وَكَمَا قَالَ ٱلْمُؤَلِّفُ نَفْسُهُ: مُحَاوَلَةٌ لِتَوْسِيعِ ٱلدَّوَائِرِ ٱلثَّقَافِيَّةِ، وَتَحْدِيثِ ٱلْمَخْزُونِ ٱللُّغَوِيِّ، وَتَقْدِيمِ خِدْمَةٍ مَعْرِفِيَّةٍ مُمتِعَةٍ لِلْقَارِئِ ٱلْعَرَبِيِّ.

هَذَانِ ٱلْكِتَابَانِ، رَغْمَ ٱخْتِلَافِ مَوْضُوعَيْهِمَا، يَجْمَعُهُمَا خَيْطٌ مَتِينٌ: هُوَ نَبْضُ ٱلْهُوِيَّةِ ٱلْفِلَسْطِينِيَّةِ، وَعُمْقُ ٱلِٱنْتِمَاءِ ٱلثَّقَافِيِّ. أَحَدُهُمَا يَمْشِي عَلَى ٱلْأَرْضِ، وَٱلْآخَرُ يُحَلِّقُ فِي سَمَاءِ ٱللُّغَةِ.

شُكْرًا لِلْمُؤَلِّفِ ٱلْكَبِيرِ عَلَى ٱلْعَطَاءِ ٱلدُّؤُوبِ، وَعَلَى هٰذِهِ ٱلذَّاكِرَةِ ٱلْحَيَّةِ، وَعَلَى ٱلْجُهْدِ ٱلْجَمِيلِ ٱلَّذِي لَا يُقَدَّرُ بِثَمَنٍ.

نَفْتَخِرُ بِكَ وَنَحْتَفِي بِهٰذَيْنِ ٱلْعَمَلَيْنِ ٱلْمُتَفَرِّدَيْنِ ٱللَّذَيْنِ لَا يُقْرَآنِ مَرَّةً وَاحِدَةً، بَلْ يُفْتَحَانِ كَأَبْوَابٍ نَحْوَ فَهْمٍ أَعْمَقَ لِذَاتِنَا، وَلُغَتِنَا، وَتَارِيخِنَا.

شُكْرًا نَادِي حَيْفَا ٱلثَّقَافِيِّ بِرِئَاسَةِ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلصَّدِيقَيْنِ سُوزِي وَفُؤَاد نَقَّارَة،

شُكْرًا لِلْمَجْلِسِ ٱلْمِلِّيِّ ٱلْأُرْثُوذُكْسِيِّ مُمَثَّلًا بِٱلْأُسْتَاذِ جِرِيس خُورِي،

شُكْرًا لِلْكَاتِبَةِ وَٱلنَّاقِدَةِ صَبَاح بَشِير، مديرة موقع نادي حيفا الثقافي عَلَى ٱلنَّشْرِ وَٱلتَّوْثِيقِ.

وَأَهْلًا بِكُلِّ مَنْ جَاءَ فِي هٰذَا ٱلْمَسَاءِ لِيُشَارِكَنَا بَعْضَ ٱلْوَفَاءِ.

 

 

 

تعبّر هذه المواضيع المنشورة عن آراء كتّابها، وليس بالضّرورة عن رأي الموقع أو أي طرف آخر يرتبط به.

شاهد أيضاً

د. خالد تركي: نافِذَتي تُطلُّ على مجموعةٍ قصصيَّةٍ “عند منتصف الليل”

د. خالد تركي  نافِذَتي تُطلُّ على مجموعةٍ قصصيَّةٍ “عند منتصف الليل” “عِندَ منتصَفِ الليلِ” هي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *