د. خالد تركي: نافِذَتي تُطِلُّ على رواية “رِحلةٌ إِلى ذاتِ امرأَةٍ”
د. خالد تركي
نافِذَتي تُطِلُّ على رواية “رِحلةٌ إِلى ذاتِ امرأَةٍ”
بينما كانت مداخلتي السَّابقة لرواية “قِلادة ياسمين” للكاتب الفلسطينيِّ إبن الخليل عامر أَنور سُلطان، والتي كانت أحداثها في القُدس في عشرينات القرن المنصرم، أَحداث ثورة موسم النَّبيِّ موسى، إنَّ أحداث رواية “رِحلةٌ إلى ذاتِ امرأةٍ” للكاتبة الفلسطينيَّة المقدسيَّة صباح بشير، تدور في القُدس، أَيضًا، في زمن الإنتفاضة الأولى في أَواخر ثمانينات القرن الفائت، حيث استشهد الحبيب الأوَّل لحنان، بطلة الرِّواية: “فقد كنتُ مأخوذةً به، إرتجفت يدي حين مدَّها وصافحني.. فاحمرَّت وجنتاي..” (ص 52).
الشَّهيد خالد إسماعيل، “آخر العنقود سكَّر معقود” (ص 51) شهيد الانتفاضة الأولى، إبن شهيد معارك الدِّفاع والبطولة والذَّود عن حياض الوطن في عدوان حزيران عام الفٍ وتسعمائة وسبعةٍ وستِّين، أبو ابراهيم..
“كان الشَّهيد خالد إسماعيل قدوة طيِّبة لأبناء الحيِّ، فهو شابٌّ مهذَّبٌ” (ص52). لقد قالت عن خالد “..ذلك الحلم الذي لن يعود..”(ص 71).
كانت حنان تحبُّ خالدًا “وفي لحظةٍ خفيَّةٍ تطلُّ عليَّ رائحة الذِّكريات فأَتذكَّرُ وجه الشَّهيد الخالد، وذلك الحبَّ البريء الغائب..أَتذكَّره وهو يعبرُ من أَمامي فتشتعلُ الأحاسيس..”(ص 210).
“يموتُ النَّاس والشَّهيدُ لا يموتُ”(ص 53)..
“لا تبكوا على الشَّهيد فهو حيٌّ لا يموتُ” (ص 53..)
“الشُّهداءُ أَكرمُ من في الدُّنيا وأَنبلُ بني البشر”
﴿..بَل أَحياءٌ..﴾..
لن يموت الشُّهداء، لأنَّهم أَحياءٌ في قلوب الشُّرفاء والأحرار وأهل الوطن.. هي روايةٌ شُجاعةٌ تطرح قضيَّة المرأة العربيَّة الفلسطينيَّة، وتضع على وجه الصُّندوق، الظُّلمَ الذي يُلحَق بالمرأة من المجتمع الذُّكوري، المكوَّن من الذُّكور والإناث، الطَّاغي والجائر والذي لا يرحم المرأة، حتَّى المرأة نفسها تكون ظالمةً لنفسها ولغيرها..
المرأة في مجتمعنا تعاني من التَّمييز والإضطهاد والإجحاف، من قِبل المجتمع ومن قبل سلطات الاحتلال ومن قبل المؤسَّسات الحاكمة، ومن قبل المتزمِّتين وأصحاب الفتاوى، وغيرهم من ضعاف النُّفوس الذين يخشون على أَنفسهم من حرِّيَّة المرأة، ومن حصولها على كامل حقوقها وعلى النِّدِّيَّة، أُسوة بالرَّجل.
إِنَّ تثقيف المرأة وتطوير امكانيَّاتها ومقدَّراتها وقدراتها، هي الرَّافعة الأساسيَّة والهامَّة والدَّافعة إلى أمام، إلى تطوير المجتمع وتقدُّمه، حيث أنَّ المرأة أساس المجتمع وعماده وحبل وتينه، وهي صارية المجتمع التي يُشدُّ إليها الشِّراع، الذي يوجِّه اتِّجاه السَّفينة، وهي مرساة الأمان التي تمنع السَّفينة من التَّخبُّط فترسو ثابتة في وجه الأنواء، وهي امُّ المجتمع ومدرَسته ومُدرِّسته:
الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتَها أعددْتَ شعبًا طيِّب الأعراق
الأمُّ روضٌ إن تعهده الحيا بالرَّيِّ أورق أيَّما إيراق
والمرأة هي أكثر من نصف المجتمع إن اردنا إنصافها، ويجب إنصافها وأيُّ عمل أو نهج مغايرٍ لحقِّها فإنَّه يصبُّ في تجهيل المجتمع قاطبةً، وكبت أفراده وأسْرهم، حيث يقول الإمام الشَّافعيُّ: قد أُتيتَ علمًا، فلا تُطفئ نورَ علمكَ بظلمةِ الذُّنوب، فتبقى في الظُّلمةِ يوم يسعى أهلُ العلمِ بنوره.
من النِّساء نجد المرأة العاملة، الفَلاحة، الجريحة، الشَّهيدة، المُناضلة، البطلة، المُعتقلة، المُوَظَّفة، الكاتبة، الأديبة، الموآزِرة، الطَّبيبة، المُمَرِّضة، الزَّميلة، المُعَلِّمة، المُحامية، المُربِّية، الحاضِنة، الجدَّة، الخالة، العمَّة، الحماة، العين السَّاهرة، الإبنة، الأُخت، الزَّوجة، والمرأة هي العِرض والشَّرف ونور العيون، فلا تكتمل حريَّة الرَّجل بدون حرِّيَّة المرأة، فلولاها لم نكُن ولم نبقَ ولم ندُم، هي الأمُّ هي الرَّفيقة هي النَّصيرة هي الأمل وهي كلُّ شيءٍ لأنَّ “الجَنَّةَ تَحْتَ أَقْدَامِ الأُمَّهَات” لذا “فاستوصوا بالنساء خيرًا”، كما جاء في الحديث الشَّريف، فهي مدرسة ونور الحياة ومُهجة القلوب، هي حياتنا وحيويَّتنا، وحبُّنا وأَحَبُّ الناس لي أمِّي لأنَّها الماء والهواء والسَّماء والدَّواء. وهذه هي أسماء المرأة الحُسْنى.
قال الشَّاعر: “فكلُّ الرِّجال ذكورٌ وليس لكلِّ الذُّكور صفات الرِّجال”..
كما وجاء في الحديث الشَّريف: أَنَّ النِّساء شقائقُ الرِّجالِ”، وحينَ أَقولُ عن امرأةٍ إِنَّها أخت الرِّجال أَقصد فيها أَنَّها صلبة العود، قويَّة العزيمة، سديدة الرَّأي، ثابتة في نهجها، وشُجاعة في معركتها ومقدامة في
خطاها، لا تهن ولا تخاف أو تهاب شيئًا..
فليست كلُّ النِّساء هنَّ أخوات الرِّجال وليس كلَّ الرِّجال رجال وهنا لا أَعني فيما جاء أنَّنا نؤكِّد على الانتماء الجنسيِّ هذا دون الآخر، ذكوري أم أنثوي، فالنِّساء مثيلات الرِّجال، بالندِّيَّة..
حين ترمَّلت أُم إبراهيم في عدوان حزيران، عاشت مرارة مجتمع لم يرحمها، ولم يحترمها بعضهم كأرملة شهيد من أَجل الوطن ومن أَجل بلدهم ووطنهم، “فالبعضُ كان يراها فريسةً سهلةً الصَّيد” (ص 50)، لكنَّها صمدت وتحدَّت المجتمع بإباءٍ وعزَّة نفسٍ وكرامةٍ إذ “صمَّمت على حمل المسؤوليَّة ومتابعة الطَّريق، وآثرت تربية أَطفالها على الزَّواج” (ص 51).
لقد ذكَّرتني أم إبراهيم بجدَّتي صديقة أم داود، حين توفى جدِّي سمعان، كانت في عزِّ شبابها، جميلةً، أنيقةً، عزيزةَ النَّفس، رشيقةً، مكافحةً ولطيفةً، طويلة ومنتصبة القامة والتي آثرت تربية أَطفالها الثلاثة على الزَّواج، فكانوا ونعم التَّربية والأخلاق.. كم أَنت أَصيلة ونبيلة يا جدَّتي صديقة.
حنان هي بطلة الرِّواية، إفتقدت الحنان من أّعزِّ النَّاس إليها وأَقربهم إليها من شقيقتها غادة، ومن أشقَّائها وعائلاتهم، لكنَّها وجدته في والدها الأب الحنون المثاليِّ الحاضن والمحبِّ، وفي صديقتها ماري، الصَّديقة الصَّدوقة، التي كانت مرجعيَّتها ومستشارتها، كانت تُدلي بنصيحَتها وتتابعها وتدعمها في كلِّ حينٍ وجب ذلك، “خيرُ الأصدقاء من أَقبل عليكَ إِذا أَدبر الزَّمان عنكَ”..
“صديقُ المرء مرآتُه تُريه حسناتِهِ وسيِّئاتِهِ”..
“كانت تربطُنا بهم صداقة وعلاقة حميمة، لم يسأل أَحدُنا الآخر يومًا عن ديانته، عشنا معًا في وئام وأُخوَّة، نحترم بعضَنا وكلٌّ منَّا يُنادي لصلاته، فجميعهم سواسيةٌ يلقون نفس القدر من الاحترام” (ص 24).
كذلك وجدت الحنان في زواجها الثَّاني من نادر الذي أعزَّها كثيرًا وأحبَّها حبًّا جمًّا عوَّضها عن حياتها المأساوية التي عاشتها في زواجها الأوَّل من عمر. لكنَّ نهاية نادر كانت صعبة جدًّا عليها بعد أن قُتلَ على يد عصابةٍ حين قد عجز في تسديد قرضٍ أخذه منها..
وهذا ما نشاهده في حياتنا اليوميَّة للأسف..
عندما صارحَت أهلها بحبِّها لنادر وبأَنَّها تريد الزَّواج بعد موافقة والديها، كان موقف والدتها رجعيًّا، يحسب حساب السُّمعة السَّيِّئة للعائلة وماذا سيقولون عنَّا، “..إن فشلت هذه المرَّة..، لا تصلح للحياة الزَّوجيَّة..”(ص 235)، أَمَّا والدها فوافق على الحديث مع نادر هاتفيًّا ولم يكن جوابه لها مُحبطًا..
لقد كان زواجها الأوَّل من زوجها عمر “على طريقة جدَّتي” (ص 47)، فاشلاً فتقول إنَّ “الرَّجل الصَّادق النَّبيل الذي يعي قدر رجولتِهِ ويحترمها ويتعامل مع أُنثاه بمروءةٍ وشهامةٍ وحنان، هو الأفضل”(ص 48). لقد غابت هذه الصِّفات عنه، ولم يحترمها كزوجة أَو كشريكة لحياته، وعندما أَنجبا شروق، حردَ واكتأب، طالبًا منها أَن تَلِد له ذكرًا، ودخلت معه على خطِّ الضَّغينة والحقد والتَّحريض والدته، أم عمر، التي كانت “..متسلِّطة..”(ص 102)، لم تكن علاقتها بزوجها مبنيَّة على الحياة الزَّوجية الرَّغيدة الهادئة، حيث كانت مليئةً بالمشاحنات “..صراخٌ وشتائم مستمرَّة..”(ص 102)..حيث أساءا تصرُّفاتهما معها لإذلالها وتحقيرها، وعليها أن تخدم زوجها وأن تكون له مطيعةً، وبعد أن اعتدى عليها وحطَّمها، وعانت بعدها من كسورٍ في عظامها طلبت منه الطَّلاق، لكنَّ والدتها عارضت هذه الفكرة، بقولها ماذا سيقولون عنك وعن سمعة العائلة، لكنَّها وجدت في والدها سندًا قويًّا داعمًا عضُدًا..
“ألا تهمُّك صورتنا الاجتماعيَّة أَمام النَّاس؟ ماذا سيقولُ النَّاس عنَّا؟” (ص 75). وعندما أرادت حنان فسخ خطوبتها من عمر الذي لم تجد فيه شريكًا لحياتها منذ البداية كانت والدتها تقنعها بأن الوقت كفيل بالوفاق والتَّفاهم والحبِّ، “أَلم أَقل لكِ إِنَّ عدم إتمام الزَّواج سيأتي لنا بالفضائح..”، “فماذا يقول النَّاس عنَّا بعد فسخ الخطبة؟”(ص 81). وقد حذَّرتها من إزعاج والدها بهذا الموقف الرَّافض، ولم تفتحُ قلبها لوالدها، فلو علِم والدها بموقفها من عمر لكان الحلُّ كما تشاء حنان..
لكنَّها لم تجد سندًا أو من يُساندها من أَبناء عائلتها ﴿..سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ..﴾.
لقد تزوَّجت عمر مكرهةً، مستسلمةً ومذعِنةً لقرار والدتها، حيث تُركت لتواجه قدرها وحدها، مع أَنَّها كانت على بيِّنة أّنَّها تخطئ بحقِّ نفسها، وهكذا ربَّتها والدتها على عدم المواجهة، فقد كانوا يربُّون البنت على الحياء والخنوع والخضوع والسُّترة..
حين حازت حنان بالطَّلاق، وفازت بحرِّيَّتها، شعرت بولادتها الجديدة، حيث بدأت تعمل في مؤسَّسة كبيرة، نالت بها احترام وودِّ زملائها وزميلاتها “..فمتى خَرَجَ الإنسان من قيوده بات حرًّا طليقًا لا يوقفه شيئٌ عن تحقيق مراده.”(ص 203)، إلى حين ما بدأ عمر وعائلته بالتَّحريض عليها في مكان عملها وتحشيد الموظَّفات ضدَّها، “أَمَّا زميلاتنا الثَّرثارات فأعرفهنَّ جيِّدًا، لغوُ الكلام لا يُفارق أَلسنتهُنَّ يتكلَّمنَ بالسَّفه حتَّى الملل، يتسابقنَ في استغابة النَّاس..(ص 183)، الأمر الذي جعل مديرة المؤسَّسة، تقوم بطرد حنان، مع أنَّها لم تر منها أَيَّ سوء أَو إهمال في العمل، ولكن من أّجل سُمعة المؤسَّسة..
“..أَتعرَّضُ اليوم لهجومٍ وضغطٍ كبيرين، كَوني أَستمَتُّ في الدِّفاع عنك، ولولا معرفتي بك وبأَخلاقك وظروفك الخاصَّة، ما تجرَّأت يومًا على ذلك، لكنَّ الأمور خرجت من يدي..يمكنك التَّواصل مع المحاسب لتحصيل مستحقَّاتك المادِّيَّة..”(ص 187).
تبًّا لهذه العادة السَّيِّئة القيل والقال المتفشِّية واستغياب النَّاس.
إنَّها خراب بيوت، قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق..
كانت ابنتها شروق أَمل حياتها في شروق مستقبلٍ زاهرٍ عساه يُحضر لها الحنان والسَّكينة والطَّمأنينة؛ لتعيش حياتها بحبٍّ واحترام لكرامتها، لكنَّ شروق سافرت إلى الولايات المتَّحدة، ولاية ميتشيغان، للإلتحاق بالجامعة والدِّراسة هناك، لقد وفَّرت لها حنان كلَّ الدَّعم من أجل مستقبل مشرقٍ كريمٍ لفلذة كبدها، دون أَيِّ دعم من والدها، وكأنَّها ليست ابنته..
جاء في العقد الفريد، الجزء الثَّاني، للفقيه أَحمد بن محمَّد بن عبد ربِّه الأندلُسيِّ، (ص 261)، عن الولد ” ثمارُ قلوبِنا، وعمادُ ظهورِنا، ونحن له أَرضٌ ذليلةٌ، وسماءٌ ظليلةٌ، فإن طلبوا فأَعطهم، وإن غضبوا فأَرضهم، يمنحوك ودَّهم ويحبُوك جهدهم..”.
“كان دوري في التَّعويض عن الأب المفقود مرهِقًا وصعبًا..لقد أهمل عمر مسؤوليَّاته وتنازل عن دوره كأَب تخاذلاً واستهتارًا..فُرضَ عليَّ الجمع بين الأمومة والأبوَّة..” (ص 181).
كيف يُمكن للنَّميمة أَن تنتصر، كيف يُمكن لحنان أَن تنكسر، لكنَّها صمدت في وجه الأنواءِ العاتية، بصمودها وثباتها، بدعمٍ من والدها وصديقتها ماري..
“..إتَّصلتُ بزميلاتي وصديقاتي ومعارفي لمساعدتي في إيجاد عملٍ لكن..لم تعُد أَيٌّ منهنَّ تردُّ على إتِّصالاتي، أَصبح الكلُّ يتحاشاني”(ص 189).
أّمَّا صديقتها ماري فقد دعتها إليها إلى باريس، حيث وجدت لها عملاً في مؤسَّسة إعلاميَّة عربيَّة، عاشت في باريس لكنَّ عينها كانت على الوطن، وفي كلِّ مساء كانت ترى الوطن وتحلم به، “..لا أَذكر أَنَّني استلقيتُ يومًا على الفراش دون أَن أَراه..أَحمله في قلبي أَينما حللتُ وارتحلتُ..”(ص 207). وماذا يمكنها عمله “..بعد أَن أُغلقت كلُّ منافذ الأمل في بلادي ..”(ص 207)..
كان جدِّي أَبو تركي يقول: حبُّ الوطن قتَّال..
لكنَّ فرحتها بالعمل وبالزَّواج من نادر الذي أحبَّته بكلِّ جوارحها للطفِه واحترامِه لها وحبِّه لها، لم يدم، فقد قُتل من قِبل عصابة إجرامٍ..
عادت إلى أّرضِ الوطن، بعد أَن قال لها والدها “لا تتأخري يا حبيبتي”.. “أَيُّها الفلسطينيُّ تعال وانزع غربتك الملطَّخة بأوجاع الحياة، تأَكَّد من نبضات مدينتك ولا تغادرها، فهي تتأَلَّم بصمتٍ وتشعر بفقدان أَبنائها كلَّما طال غيابهم عنها”(ص 270)..
عادت إلى أَرض الوطن الجريح حزينةً، لأنَّ الوطن ما زال يقبع تحت الاحتلال البغيض، تحمل معها حنان الوطن ودفأه، تذكَّرت أُمَّ الشَّهيد خالد، وترحَّمت عليه، ولم تنسه، لم تنسَ الحبيبَ الأوَّل، “بدأتُ العمل على ترتيب أُموري وأَوضاعي وها أَنا أَجلسُ على شُرفتي الجميلة، وأُدوِّنُ الذِّكريات، بعد أَن أَغلقتُ أَبواب قلبي بإحكام وفتحتُ أَبواب العقلِ على مصراعيه”(ص 272).
لقد أُعجبتُ بلوحة الغلاف للرَّسام الفنَّان جمال بدوان، صورة امرأة خرجت لتوِّها من قفصها، سجنها، حرَّةً طليقةً حافية القدمين تنظر إلى طيور تحلِّق بحرِّيَّة في سماء الوطن، التي تشوَّهت بالغيوم المكفهرَّة، سماء الوطن ليست بصافيةٍ، وتنظرُ إِلى الأفق البعيد تفتِّش عبره عن مستقبلٍ آمنٍ حرٍّ سعيدٍ هادئٍ عادلٍ، يحترمُ المرأة، ويرفض الذُّكوريَّة رفضًا تامًّا، تجد فيه ذاتها، تحلم على مقاعد الدِّراسة التي حُرمت منها بسبب الاحتلال، وإغلاق الجامعات، تريد ذاتها التي تريد لها أَن تكون كيفما تريد، على أَرض وطنها، بعد أن كان البحر بوَّابتها إلى الهروب منه إلى أُوروبا..
عادت حنان إلى أرض الوطن..
وتزوَّجت شروق واستقرَّت في مكان دراستِها..
ختامًا.. تبريكاتي القلبيَّة العطرة للكاتبة المقدسيَّة صباح بشير بصدور ثمرة قلمها “رِحلةٌ إِلى ذاتِ امرأَةٍ”، وإلى مزيدٍ من العطاء..
أَعَزُّ مَكَانٍ في الدُّنَى سَرْجُ سَابِحٍ وَخَيْرُ جَلِيْسٍ في الزَّمانِ كِتابُ
ملحوظة: صدرت الرِّواية ” رِحلةٌ إِلى ذات امرأَةٍ” عن دار الشَّامل للنَّشر والتَّوزيع (نابلس مقابل جامعة النَّجاح الأكاديميَّة)، من الحجم المتوسِّط، في مائتين وأَربعٍ وسبعين صفحة، لوحة الغلاف الرائعة للفنَّان الفلسطينيِّ جمال بدوان، (الدكتور جمال بدوان ابن قرية عزُّون، قضاء محافظة قلقيلية، فلسطين، يعيش في أوكرانيا ويحمل جواز سفر أوكرانيٍّ)، أَمَّا الاخراج الفنِّي فهو للفنَّان الفلسطينيِّ ابن رام الله رامي قُبَّج..
تعبّر هذه المواضيع المنشورة عن آراء كتّابها، وليس بالضّرورة عن رأي الموقع أو أي طرف آخر يرتبط به.