د. خالد تركي: نافِذَتي تُطِلُّ على رِوايَة “من بيتَ لحم إِلى موسكو”
د. خالد تركي
نافِذَتي تُطِلُّ على رِوايَة “من بيتَ لحم إِلى موسكو”
لقد شَّدَّني عنوان الرِّواية “من بيتَ لحم إِلى موسكو” حيث ذكَّرني بكتابي “من حيفا هنا دمشق” وإِن اختلف المضمون، فهذه رواية تحكي سيرة الكاتب نضال ابراهيم الحايك حين كان طالبًا جامعيًّا يدرس الصَّيدلة، على مايبدو من خلالها، أَنَّه درس في النِّصف الثَّاني من سبعينات القرن المنصرم والنِّصف الأَول من ثمانينات القرن المنصرف، تمامًا في نفس الفترة التي درستُ فيها الطِّبَّ البشريَّ في جمهوريَّة تشيكوسلوفاكيا الإشتراكيَّة في مدينة براتيسلافا، وكتابي مؤلَّف من سلسة مقالات ومداخلات مختلفة المواضيع من اجتماعيَّة وأَدبيَّة وسياسيَّة وسير لشخصيَّات أَعجبتني وكتبت عنها ورثاء وغير ذلك أَيضًا.
في حديث لي مع الكاتب العزيز تبيَّن أَنَّ فترة دراسته كانت من العام أَلفٍ وتسعُمائة وثمانين ولغاية أَلفٍ وتسعمائة وستَّةٍ وثمانين..
لقد جذبني العنوان وخلال قراءتي الكتاب كانت هناك لحظات شعرتُ فيها أَنَّ الكاتب يكتب عنِّي، وأَنَّ هناك شيئ مشتركٌ بيننا يشُدُّني، أَنَّ موضوعنا الدراسيِّ هو طبِّيٌّ، واسم والده ابراهيم كما والدي، ويجمعنا وطنٌ واحدٌ نريد له أَن يكون سعيدًا وحرًّا، ناهيك عن تسلسل الأَحداث التي عشناها..
تجري أَحداث الرِّواية ما بين الإتِّحاد السُّوفييتي (زاباروجيا وموسكو) وفلسطين، تحديدًا بيت لحم، وإن كان مسقط رأس المؤلِّف هو بيت ساحور.
نتعرَّف على الكاتب أَنَّه تعلَّم الصَّيدلة هناك، من صورة الغلاف وليس من خلال نصِّ الرِّواية، ونعرف أَنَّه درس في جامعة مدينة زاباروجيا، أُوكرايينا، الإتِّحاد السُّوفييتي، من خلال النَّصِّ أَيضًا، حيث يحكي عن المدينة التي سكنها وهي تقع على نهر دينيبر “يقسم المدينة التي يُقيم فيها نهر دينيبر العريض، حيث تقع المدينة في مساره وعلى ضفافه، فهو يقطع مسافات طويلة قبل أَن يصل إِلى مصبِّه”(ص 188)، وكذلك يكتب “..عرف فيما بعد أَنَّها جزءٌ من مدينة صناعيَّة في جمهوريَّة أُوكرانيا السُّوفييتيَّة”(ص 50)، ولم يذكر اسم مصبِّ النَّهر فهو يصبُّ في البحر الأَسود أَو من أين ينبع حيث أَنَّ منبعه هو مرتفعات فالادي في روسيا.
لقد أّحبَّ الكاتب أَن يكون اسم الجمهوريِّة التي درس فيها واسم المدينة التي سكنها وعاش فيها أَجمل وأَحلى سني حياته واسم الكلِّيَّة التي درس فيها وموضوع دراسته أَن يبقى مفتوحًا، ليشعر كلُّ واحد منَّا أَنَّه يكتب عنه سيرته.
يُعلِمنا الكاتب أَنَّ السَّاحة الحمراء في موسكو لها اسمٌ آخر وهو السَّاحة الجميلة، فباللغة الرُّوسيَّة كلمة “كراسنيا” تعني أَحمر أَو جميل “لكنَّها ذاتها حمراء وجميلة”(ص 77). وهناك من يقول أَنَّ القيصر إِيفان الرَّابع، إِيفان الرَّهيب، الذي سُمِّي بهذا الإسم الرَّهيب لضراوتِهِ ووحشيَّتِهِ وقسوتِهِ وعنفِهِ، حيث أَقام فيها مذبحةً كبيرةً بحقِّ المقرَّبين إِليه ومن بينهم ابنه وغيرهم بسبب وفاة زوجتة ولكثرة الدَّم الذي سُفِك سُمِّيت بالميدان الأَحمر.
لقد وأَدَ الطَّالب الجامعيُّ من بيت لحم حبِّه لصديقته منذ ولادته، لأَنَّه لا يعرفُ ماذا ينتظره في الوطن، بل وقد جرحها مرَّتين في الصَّميم، يعرف خطأَه لكنَّه لا يعرف تصحيحه، ولا يعرف الإعتذار حيث بقيَ اعتذاره مسجونًا في حلقه بين حنجرته وشفتيه المغلقتين، لم يجرؤ على فتحهما، هل يخاف الاعتذار منها أَم أَنَّه يعتقد أَنَّ الإعتذار لفتاةٍ يُهين كرامته ورجولته، مع أَنَّنا نقول دومًا “الإعتراف بالخطأ أَو الذَّنب فضيلة”، لقد “أَحبَّته وأَملت أَن يظلا معًا، لكنَّه حطَّم كلَّ الخيال لديها وكلَّ الحقيقة”، لكنَّه “طبع على خدِّها قبلةَ وداعٍ سريعةٍ، كأَنَّه يحاول الإعتذار منها، لكنَّها كانت قبلةً باردةً لا حرارة فيها”(ص 81).
لكنَّه خاف عليها من الزَّواج لأَنَّه في حال زواجه، إِن كان نصيبٌ منها، عليهما أَن يغادرا البلاد معًا حالاً بعد تخرُّجه، وهنا يقع في مجهول يخشاه، ويخشى عليها منه “طريق عودتي إِلى بيت لحم غير واضحة المعالم، ضباب كثيف يُغطِّيها ويُخفي معالمها”(ص 139)، كان يخاف عليها حيث أَنَّ بيت لحم ما زالت ترزح تحت احتلالٍ قاسٍ وعتيٍّ، مجرَّدٍ من الإِنسانيَّة..
حين سُئل أَيُّهما أَجمل موسكو أَم بيت لحم أَجاب بعد أَن شعر بنوعٍ من التَّحدِّي وأَنَّ عليه أَن يردَّ دفاعًا عن نفسه “..بالتَّأكيد في بيت لحم”(ص 197)، وهناك مثل سلوفاكيٌّ يقول جميع الأَماكن جميلة لكنَّ بيتك أَجملها، وكثيرًا ما كنَّا نُسأَل أَسئلة كهذه، وهذه هي الحقيقة أَنَّ بلدنا هو الأَجمل، “القرد بعين إِمُّو غزال” لكنَّه يقول في نهاية روايته معترفًا بحبِّه لتلك البلاد التي رعته وأَعطته كلَّ ما تملك من إمكانيَّات ووسائل ودعم تحت تصرُّفه من أَجل تعليمه وتثقيفه وتخريجه لخدمة أَهله وشعبه وبلده دون أَن تأخذ مقابلاً لعطائها، فكم من ملايين الطُلاب من جميع أَنحاء المسكونة، على مدى المشرقين، تعلَّموا في هذه الدُّول الإشتراكيَّة الكريمة والمعطاءة، دون أَن تنتظر منَّا مردودًا، والسُّؤال هنا هل سنحفظ لها هذا الجميل فما أَجمل أَن يُردَّ الجميل بالجميل وما جزاءُ الإحسانِ إِلا الإحسانُ، علَّنا نعي ما أَخذنا والذي أَخذناه كان عظيمًا وسخيًّا إِلى أَبعد حدود “..وأَنَّه عاد جسدًا، ذاته بقيت هناك..فالإثنان نارٌ واحتراقٌ وجمرٌ تحت رمادٍ لا ينطفئ فمتى تخرجُ العنقاء حيَّةً من تحت جمر الإغتراب..”(ص 242)..
يقول الكاتب:”بعد سنوات من انهيار الإتِّحاد السُّوفييتي، اشترى والده لأخيه مقعدًا دراسيًّا في روسيا، من مكتبٍ في مدينة الخليل يختصُّ في بيعِها، فقد انتهت مجَّانيَّة التَّعليم والبعثات!”(ص 23)، وهذا صحيح حيث يعود الفضل للمنظومة الاشتراكيَّة التي كانت تقدِّم سنويًّا المنح الدِّراسيَّة للطُّلاب من الدُّول النَّامية والفقيرة، من أَفريقيا وآسيا وأَمريكا اللاتينيَّة، وكذلك كانت هذه المنح تُعطى للدُّول والمنظَّمات اليساريَّة وحركات اجتماعيَّة عديدة، مثالاً لا حصرًا، في مدينة حيفا، منذ أَواخر السِّتِّينات وحتَّى أَواخر التِّسعينات تخرَّج من دول الفلك الإشتراكيِّ حوالي خمسة وسبعين طالبًا أَو يزيد ما بين شهادات الهندسة، والقانون الدُّوليِّ، والفنِّ، والطِّبِّ، كانوا قد حصلوا على هذه المنح عن طريق الحزب الشُّيوعيِّ، وبهذا يكون الشُّيوعيُّون قد حاربوا وانتصروا على سياسة التَّجهيل التي دأَبت ورسمت لعرب البلاد أَن يكونوا حطَّابين وسقاة ماءٍ، وجاء الرَّدُّ المدوِّي أَن جعل منَّا أَكاديميِّين وباحثين ومهندسين ومحامين وأَطبَّاء وقادة مجتمع، وحيفا هي مثالٌ فقط لباقي مدن وقرى الوطن من شماله إِلى جنوبه ومن شرقه إِلى غربه، لقد كان التَّعليم مجَّانيًّا، مع دفع قسطٍ ماليِّ شهريٍّ لكلِّ طالبٍ للمصروف، حيث كان معاش الأَجنبيِّ ضعف معاش السُّوفييتيِّ، “..يحصل الطَّالب الأَجنبيُّ على ضعف المبلغ الذي يحصلُ عليه مثيله السُّوفييتيُّ”(ص 58)، ويحصل أَيضًا على سكنٍ مضمونٍ، حتَّى بطاقة السَّفر بالطَّائرة ذهابًا ساعة انضمامك للجامعة وإِيابًا ساعة تخرُّجك من الجامعة كان على حساب الدَّولة المُضيفة، لا بل يرافقونك في كلِّ مراحل دراستك حتى التَّخرُّج..
شكرًا للمنظومة الإشتراكيَّة التي أَفضلت علينا..
لقد جاء في كتاب الباحث والمؤرِّخ اسكندر عمل في كتابه “حيفا، بصمة حمراء، الصَّادر عن مكتبة “كلُّ شيئ” لصاحبها الأُستاذ صالح عبَّاسي، عام أَلفين وعشرين، (ص 79) “لا يمكن الحديث عن الشَّبيبة الشُّيوعيَّة دون ذكر المنح التي حصل عليها الحزب الشُّيوعيُّ لشبابنا للدِّراسة في الدُّول الإِشتراكيَّة وقد درس شبابٌ وشابَّاتٌ من حيفا مواضيع مختلفة كالطِّبِّ والهندسة والقانون الدُّوليِّ والفنِّ والصَّحافةِ وعاد هؤلاء إِلى حيفا (المنح أُعطيت للشَّبيبة في كلِّ فروعها..)، فكانوا أَوفياء لشعبهم..”ويذكر فيما بعد أَسماء جميع الخرِّيجين الكاديميِّين الذين تخرَّجوا من دول المنظومة الإِشتراكيَّة..
ما أَجمل تلك الأَيَّام علَّها تعود، فأَنا مليئ بالحنين والذِّكريات الطَّيِّبة إلى تلك الجمهوريَّة الإِشتراكيَّة التي رعتني وخدمتني وعلَّمتني ووفَّرت لي كلَّ لوازم الدِّراسة، وشعرتُ أَنِّي في بيتي وأَكثر، فدائمًا كنتُ وما زلتُ أَشعر باعتزازٍ أَنَّ تشيكوسلوفاكيا هي وطني الثَّاني، كذلك شعرتُ أَنَّه عند الكاتب العزيز نضال الحايك نفس الشُّعور والحنين، لكنَّه ليس بديلاً عن بيتَ لحمٍ “..في بلادٍ باردةٍ لكنَّها في الحقيقة كانت حِضنًا دافئًا” (ص 165)..
يعيدني الكاتب إِلى ابنتي مي، القابلة، حين يبدأ بالحديث عن القابلة وولادته، وإِن كان يكتبها في غالب الأَحيان بصيغة الغائب، ويكتبها بشكلٍ مبدعٍ وفريدٍ ومشوِّقٍ، إِذ يصف كيف استُقبلت ولادته بالزَّغاريد ومن بعده بضربٍ على ظهره لتسمع بكاءه “أَغضبُ قليلاً من دايةٍ تضربُني بيدها على ظهري، وتُعيد الضَّربَ بلطفٍ وحذرٍ..”(ص 185)، وتستعجلن النِّساء هناك لمعرفة جنس الوليد، ذكرًا أَم أُنثى، ويشرح كيف تحاول والدته فتح الطَّريق له بعد أَن توسِّع له عنق الرَّحم خوفًا عليه من الإختناق فتسحبُه القابلة من هناك وتغسله وتنظِّفه وتلفُّه وتناوله لوالدته لإرضاعه “تفرح نساء، فتُطلق زغاريدها..فينتشر خبر وصولي المنتظر”، “..فهي قابلةٌ واحدةٌ ضربت معظم سكَّان البلدة على ظهورهم، فأَجبرتهم على اقتحام الحياة”(ص 186).
آهٍ يا ابنتي يا مي كم من الأطفال ضربتِ وكم من الأطفال سحبتِ، من عتمة الرحم إلى نور الفضاء وإِلى نور الحياة.. لقد كانت سياسة الجامعة حاسمة وشديدة وصارمة مع الطُّلاب الأَجانب والسُّوفييت، يكون ثمنه الفصل من الجامعة والعودة إِلى الوطن بخُفَّي حُنين، “الغياب عن الدَّوام الدِّراسيِّ بما فيها المحاضرات كان خطوةً أُولى على طريق خسارة المقعد الدِّراسيِّ للطَّلبة الأَجانب والسُّوفييت على حدٍّ سواء!”، “..غير مسموح له إِعادة السَّنة الدِّراسيَّةويفقدُها”(ص 65)، في خلال دراستنا كنَّا نتوق للعودة إِلى البلاد إِلى حضن الوالدين والأَهل والأَصدقاء، وللحيِّ والجيران وضجيج المارَّة والبائعين، لكنَّه بعد تخرُّجنا وتخرُّجه “ظلَّ يعدُّ الأَيَّام ويحصيها، فيا ليته لم يفعل، فقد عرف فيما بعد أَنَّ سني الدِّراسة الجامعيَّة، رغم كلِّ صعوباتها، من أَحلى السِّنين وأَجملها” (ص 106)، “فحياة الطَّلبة مليئة بعفويَّة وحيويَّة”(ص 99)، لقد كان نظام التَّعليم وشروطه أَنَّه بعد انتهائك من الدِّراسة عليك العودة إِلى الوطن الذي أَرسلك لتخدم أَهلك وبلدك ولكي تعمل على تطويرها، “..من أَجل أَن يعودوا إِلى بلادهم ليخدموها ويعملوا على تطويرها”(ص 138).
“بعد تخرُّجه لم يلتقِ جدَّه..وصلته رسالة من والديه..يُخبرونه في طيَّات كلماتها أَنَّ جدَّه قد فارق الحياة”( ص 102)، وأَنا كذلك فقدتُ جدِّي أَبو تركي وجدَّتي من والدي إِم داود وجدَّتي من والدتي إِم فوزي، وكم كان الفراق صعبًا وقد رافقني ذلك زمنًا طويلاً، وشيئٌ لا تفسير له أَنَّني حلمتُ بهم في ذات ليلة الوفاة، قلبي هناك وقلبي هنا، في غربتي أَعيش معهم أَعيش مع الأَحباب الغوالي، فحين غادرتُ البلاد طلبًا للعلم، قال لي جدِّي أَبو تركي: اسمع يا جدِّي إِن كنتَ كفؤًا للعلم ولهذا الحِمل فاذهب بعون الله، والله معك، والله يسهِّل عليك أَمرك وبالتوفيق يا جدِّي، وإِن أَنت غير ذلك فالزم بلادك وأَهلك فهم أَحوج إِليك..
بعد عدوان حزيران كان لجده الفضل الكبير على عائلته بالبقاء في الوطن وبعدم النُّزوح شرقًا، “هل فقدتم عقولكم؟ فلا أَحد سيغادر هذا المكان، أَتفهمون؟”(ص 104)..لقد أَمرهم بالبقاء في الوطن، ولولاه لكانوا في تعداد اللاجئين والنَّازحين..
النَّازحون واللاجئون هم العائدون حتمًا ويبقى السُّؤال متى العودة؟ يذكر قدوم إحدى بنات أَحد أَعمامه للدِّراسة في إحدى جامعات عاصمة أُكرايينا، كييف، بعد حصولها على منحة دراسيَّة، أَراد لقاءها بعد أَن ذهب لزيارتها، بعد أَن قطع سبع ساعات سفرٍ بالقطار، وقد تحمل عناء السَّفر المتعِب، وصف لنا كيف دخل المبنى، وكيف يكون مسكن الطَّلبة، متسلِّقًا الجدار مخاطرًا بحياته للقائها، “إِضطرَّ إِلى تسلُّق جدار جانبيٍّ..تكسو الأَرض طبقة من الجليد، فانزلقت إحدى قدميَه فكاد أَن يسقطَ..”(ص 107)، غامر بحياته للقائها لكنَّهما لم يلتقيا..
تجاهل الكتابة عن لقاء ابنة عمِّه، من رائحة الأَهل والوطنِ.. حين عاد بعد تخرُّجه إِلى بيت لحم “..بدا له أَنَّ والده أَكبر عمرًا وقد غطَّى الشَّيب مفرقَيه..”(168)، وحين عدتُ بعد تخرُّجي وجدتُ أَنَّ تلك السِّنين السَّبع التي عشتها هناك قد عملت وجهدت في تغيير ملامح الوالدين حيث صبغت شعرهما أَو أَخذت قسطها منه، وسرقت لهم بضعًا من أَسنانهم وحفرت في وجوههم التَّجاعيد، لكنَّها لم تقوَ على شعورهم ودفء قلوبهم فدائمًا كان يقول والدي إِنَّ الرَّجل كما يشعرُ والمرأَة كما تبدو، ودائمًا كان شعورهما شبابًّا..
أُعجبتُ بصورة الغلاف التي تجمع بين عالمين.. صورة الغلاف رائعة بحلَّتها القشيبةِ وأَلوانها الزَّاهية الجميلة والمريحة
للنَّاظر، تجمع بين موسكو، السَّاحة الحمراء ومبنى الكرملين وبيت لحم، ساحة المهد وما حولها، ويتوسَّط الصُّورتين شاطئ بحرٍ يمكنه أَن يكون شاطئ يالطا، لقد رأَى في يالطا “..أَرى فيك بيت لحم البعيدة كأَنَّكما توأَمان. منحَت إِحداكما بحرًا تمتدُّ مياهه نحو آفاق تُعانق السَّماء. ومنحت الأُخرى برِّيَّةً من تلال تتغيَّر أَلوانها مع تغيُّر فصول العام..” (ص 126)، وهذه كانت حقيقة شعوره، حيث يسكن قلبه وطنان وبلدان وبيتان، وهذه هي حقيقة شعوري..
شُكرًا للمنظومة الإشتراكيَّة العائدة ولو بعد حين..
شُكرًا على كلِّ ما منحتِهِ لنا، فقد كنتِ سخيَّةً..
شُكرًا لحزبنا الشُّيوعيِّ..
﴿..لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ..﴾
ختامًا..
تبريكاتي القلبيَّة العطرة للكاتب الفلسطينيِّ نضال إِبراهيم الحايك، ابن مدينة بيت ساحور، محافظة بيت لحم، بصدور ثمرة قلمه “من بيت لحم إِلى موسكو”، متمنِّيًا المزيد من العطاء الجميل والمُثمر والملتزم..
الكاتب هو خرِّيج جامعات الإتِّحاد السُّوفييتي، كلِّيَّة الصَّيدلة، جامعة زاباروجيا، أُكرايينا، عام أَلفٍ وتسعمائةٍ وستَّةٍ وثمانين، وكذلك حاصل على دبلوم سياحة وتاريخ مع مرتبة الشَّرف من جامعة بيت لحم عام أَلفين وأَربعة عشر، وهو عضو في جمعيَّة خرِّيجي الجامعات النَّاطقة باللغة الرُّوسيَّة وعضو في المركز الثَّقافيِّ الرُّوسيِّ، وكذلك هو عضو في المركز الفلسطينيِّ للدِّراسات وحوار الحضارات..
أَعَزُّ مَكَانٍ في الدُّنَى سَرْجُ سَابِحٍ وَخَيْرُ جَلِيْسٍ في الزَّمانِ كِتابُ.
ملحوظة: صدرت الرِّواية “من بيت لحم إِلى موسكو” عام أَلفين وواحد وعشرين، عن دار الخليج للطِّباعة والنَّشر والتَّوزيع، الاردن، من الحجم المتوسِّط، في مائتين وأَربعٍ وأَربعين صفحة، كاتب المقدِّمة هو الأَديب د. سمير محمَّد أَيُّوب..
ملحوظة ثانية:شُكرًا لرفيقي وزميلي فؤاد مفيد نقَّارة على إهدائه هذه الرِّواية التي أَعادتني أَربعة عقود خلت، وذكريات شبابي وغربتي في تلك البلاد الجميلة والحنونة والدَّافئة والكريمة..
تعبّر هذه المواضيع المنشورة عن آراء كتّابها، وليس بالضّرورة عن رأي الموقع أو أي طرف آخر يرتبط به.