محمد أبو حسين:
قراءة موجزة لرواية “رحلة إلى ذات امرأة” للروائيّة صباح بشير
تتناول الكاتبة في هذه الرواية الاجتماعية، من خلال سردها، مشاكل الزواج في مجتمعاتنا العربية من زوايا متعددة، أهمها اختيار شريك الحياة المتوافق في طباعه وفكره ومستوى وعيه مع شريكه الآخر. وكما يُقال: “لكلّ دولة زمان ورجال”، ويمكننا إضافة النساء أيضًا، فلا يجب إغفال دور المرأة في المجتمع وكافة نواحي الحياة.
تُسلّط الرواية الضوء على ما يفرضه الأهل أحيانًا على أبنائهم وبناتهم من عادات الزواج، بعقليتهم المتوارثة عن الآباء والأجداد، في زمنٍ اختلفت فيه المفاهيم وتبدلت بعض العادات مع دخول وسائل التواصل الاجتماعي بقوة إلى حياتنا وبيوتنا.
هذه الوسائل نقلت إلينا أفكارًا وعادات غربية وشرقية بعيدة عن معتقداتنا وأفكارنا وموروثنا الثقافي والاجتماعي، فأثّرت سلبًا على جوانب كثيرة من حياتنا الأسرية والمجتمعية. فبدأنا نرى تمردًا من أبنائنا وبناتنا على عادات مجتمعاتهم رغبةً منهم في مجاراة الواقع الجديد الذي تنقله لهم وسائل التواصل الاجتماعي، لينتقل الصراع ويحتدم بين الأسرة والأبناء.
هنا تذكر الكاتبة دور بعض الأمهات في اختيار شريك الحياة لبناتهن وأبنائهن دون ترك حرية الاختيار لهم مع النصح والإرشاد. وفي الغالب تختار بعض الأمهات العروس أو العريس دون بحث أو إطلاع على الأخلاق والمؤهلات، ويكتفين بالمظهر والوضع المادي متناسيات الأهم، الدين والأخلاق، فمثلًا، إذا ما كان حظ البنت سيئًا في رجل ارتبطت به إرضاءً لأمها، هنا تبدأ المشاكل وتتصاعد وينتهي مشروع الزواج بالفشل والطلاق، ويكون الأبناء هم الضحية.
تذكر الكاتبة دور الحماة والكنة في تصعيد تلك الخلافات بين الزوجين، والتي في الغالب تكون تافهة.
من هنا، نجد إما زوجًا متسلطًا ظالمًا وزوجة مهانة مقهورة، وإما زوجًا خانعًا ذليلًا لا شخصية له تقوده زوجته كما يقود الراعي الغنم، كل ذلك رغبةً من الأم في تطبيق عادات ومفاهيم قديمة عفا عليها الزمن.
وتذكر أيضًا صورة أخرى، يُخدع فيها الأهل عند اختيارهم عريسًا لابنتهم، فيغريهم مظهره وابتسامته ووضعه المادي الممتاز أو درجته العلمية دون السؤال عن أخلاقه وطباعه. فإذا ما تم الزواج ومضت الأيام وبدأت تتكشف عيوب ذلك الرجل، من الغياب عن البيت والسهر الطويل مع رفقاء السوء وشرب الخمور ولعب القمار الذي سيُحرق كل مقدراته ويعيده وأسرته إلى نقطة الصفر، لينتهي أيضًا مشروع الزواج بالفشل والطلاق.
نستطيع القول: إنّ سردية الرواية تشبه مواضيع البحث الاجتماعي للمشاكل التي تتعرض لها الأسرة، فقد جاء تناسب الأسلوب مع الفهم الجمعي للمجتمع، بعيدًا عن التعقيد، وبتراتبية سلسة وجميلة، تجعل القارئ متواصلًا ومنسجمًا مع أحداث الرواية.
أشكر الأستاذة الروائية صباح بشير على هذا العمل الأدبي الذي يُبشّر بمستقبل حافل بالنجاح والتميز.