مفيد جلغوم
عالم البحار في كتاب “صيّاد.. سمكة وصنّارة”
في كتابه “صيّاد.. سمكة وصنّارة”، يأخذنا الكاتب فؤاد نقّارة إلى مدينة عكّا العريقة، الشهيرة بأسوارها ومينائها وبحرها الساحر، الذي يُعدّ سرًّا من أسرار قوّتها وجمالها، فيصفه الكاتب بأنّه يمتلئ سحرًا وخيرًا.
يُحبّبنا الكاتب نقّارة بالبحر، فنرافقه في رحلة على متن قارب، يكشف لنا فيها عن جمال البحر وأسراره، وينقلنا إلى عالمه الفريد، عالم الأمواج الهادئة حينًا، والمتلاطمة أحيانًا أخرى، بعيدًا عن عالم السهول والجبال والوديان.
يقول الكاتب عن البحر: “منذ صغري كنت مولعًا باستكشاف هذا العالم، ويُغمرني سحر المخلوقات البحرية فيه بألوانها المبهرة المتعدّدة.”
يشاركنا في هذا الكتاب تجاربه البحرية وذكرياته الشخصية، ليُعرّفنا على عالم البحر الذي عاش طفولته على شواطئه في مدينة عكّا الفلسطينية، حيث تعلّم أسرار الصيّد. ويُخبرنا كيف علّمه البحر أشياء جميلة متعدّدة، منها: احترام الطبيعة وحبّها، والاستمتاع بجمال البحر وشواطئه، إضافة إلى الاعتماد على النفس في الصيّد، والصبر الذي يُعدّ من أهمّ سمات الصياد الماهر.
ويضيف: أنّ الصيد فلسفة حياة، تُعلّم دروسًا قيّمة، فكما يصبر الصيّاد على السمكة حتى تعلق بالصنّارة، يصبر هو أيضًا على تحقيق أهدافه في الحياة، ويصف كيف كان يصعد على ظهر القارب مع أصدقائه، خاصّة أيام العطل، ويُبحر مع نسمات البحر الهادئة، أو أمواجه الهادرة، في الصباحات المُنعشة أو الليالي المقمرة، يمارس هوايته في صيد أنواع متعددة من الأسماك التي خبر أسماءها وأنواعها وصفاتها، من حيث الطعم والسمّية، أو من حيث أماكن انتشارها وطرق صيّدها.
يُقدّم لنا معلومات قيّمة عن البحر ومصطلحاته، مثل: الميناء، المركب، المنارة، المرساة، كاسر الأمواج، الريّس، قصبة الصيّد، الصنّارة، الطُعم، وغيرها من المصطلحات المُستخدمة في مدن البحار.
كما يُزوّدنا بمعلومات قيّمة عن خيرات البحار، وخاصة الأسماك، فيُبهرنا بمعرفته الواسعة بأنواعها، مثل: البوري، السلطان إبراهيم، السردين، القريدس، أنتياس، الدينيس، العطعوط، أبو نفخة، أبو نوح، الأنشوبي، الصّبيدن، الجربيدن، المرمور، الأجاج، وغيرها. ويمدّنا بمعلومات قيّمة ربما نتعرّف إليها لأول مرة عن خيرات البحر، فيُخبرنا أن الجمبري هو نفسه الروبيان، وأن الاستاكوزا تتميّز بخصائص فريدة، فأسنانها في معدتها، وكليتها في رأسها، وآذانها في أرجلها، ودماغها في مؤخرتها.
أخيرًا، يُعدّ هذا الكتاب “صيّاد، سمكة وصنّارة” إضافة جيّدة للمكتبة العربيّة عامّة، والفلسطينيّة خاصّة، لما يحتويه من معلومات علميّة، ومذكّرات شخصية، صيغت بلغة عربيّة سليمة، خاصّة وأنّ البحر أصبح مفصولًا عن معظم المدن الفلسطينيّة بسبب الاحتلال، ممّا أدّى إلى قلة معرفتنا بعالمه وأَسراره.