بسّام داود: عن رواية “فرصة ثانية” للأديبة صباح بشير

 

بسّام داود

عن رواية “فرصة ثانية” للأديبة صباح بشير

رواية “فرصة ثانية” للأديبة صباح بشير، هي رواية اجتماعية عاطفية جميلة، بأسلوب شيق يجذب القارئ. وقد شملت جوانب مختلفة من الحياة، مثل ولادة طفل، ثم وفاة أمّه بعد الولادة، والحياة الجديدة التي يواجهها الطفل الرضيع، وحزن والده مصطفى وانعزاله عن الحياة لفقدانه زوجته الحبيبة فاتن.

ثم نرى كيف يتراجع مصطفى عن انعزاله ليتفاعل مع الحياة من جديد، مؤكداً أن الحياة يجب أن تستمر، ويتوج ذلك بزواجه من هدى.

نقرأ في الرواية عن مشاكل الحياة الكبيرة والصغيرة، فالطبيب إبراهيم ناجح في عمله لكنه فشل مرتين في زواجه. وعلى الرغم من ذلك، ظل يحلم بعائلة دافئة، وأخفى حزنه عن مرضاه ليظهر بمظهر إيجابي متفائل، وحافظ على أخلاقيات مهنته كطبيب. صارع بين خوفه من التجربة ورغبته في العثور على الحب الذي كان يراه وهماً وسراباً ينبعث من ينابيع الأمل سرعان ما تنضب. في النهاية، قرر أن يفتح قلبه للحب، مؤمناً أن الحياة جميلة ولا يمكن أن نعيشها بقلب مغلق، وأكمل مشواره بزواجه من نهاية.

أما عبد الله، ذلك الشاب الطيب المتسامح، فقد تزوج زواجًا تقليديًا من لبنى، التي لم تبد أي ميل تجاهه. لكنها وجدت فيه الفرصة الذهبية للهروب من قسوة والدها المتشدد لتعيش حياتها بحرية وتعوّض ما تعرضت له من حرمان. لكن للأسف، كانت تتصف بالعناد والأنانية وإهمال زوجها، وكاد ذلك أن يهوي بها إلى الطلاق. لتكتشف أخطاءها في اللحظة الأخيرة وتبدأ حياة جديدة مع زوجها.

الجميل في الرواية أن النهايات كانت سعيدة على الرغم من المشاكل الكثيرة التي مروا بها.

لقد استوقفتني الكثير من المواضيع الهامة في هذه الرواية، منها:

رائحة الأم: كل أم هي عالم خاص بحد ذاته، لها رائحة فريدة تعبر عن شخصيتها وحنانها وحبها، تعيش في ذاكرة أطفالها للأبد. فهي تُشيّع أطفالها إلى المدرسة بنظراتها الحنونة، وتنتظر عودتهم بفارغ الصبر، وتغمرهم بحنانها وعطفها. تلك هي رائحة الأم الخاصة.

الأمومة: هل حب الأمهات لأطفالهن يستحق كل ما تضحي به الأم؟ أم هي غريزة فطرية؟ أم أنها قوة طبيعية نسير في فلكها دون وعي منا؟

المرأة: المرأة غامضة، متناقضة، ومثيرة للتفكير. كلغز محير، كائن يصعب فهمه، يجمع بين الإيجابيات والسلبيات.

الزواج: هل الزواج مأوى للحب أم قيد للأرواح؟ وهل المرأة شريكة في رحلة الحياة أم لغز يحاول الرجال فك شفرته؟

الفجوة الثقافية: وجود فجوة ثقافية بين الزوجين يهدد الاستقرار بينهما. ومع الزمن، تكبر هذه الفجوة وتتراكم المشاكل، مما يؤدي إلى ضياع لغة الحوار ويسود الصمت والخرس الزوجي أو الطلاق النفسي بينهما، ليعيق التواصل ويؤدي إلى شعورهما بالاغتراب.

الموسيقى: فيها سحر يتجاوز حدود الزمان والمكان، وتتحدث بلغة عالمية يفهمها القلب قبل العقل. ولا يهم من ألفها، المهم ما تثيره في أعماقنا من مشاعر وأحاسيس.

الحياة جميلة: قد تكون الجراح عميقة، لكن الحب قادر على إحياء القلوب. فلا تقفل قلبك، فالحياة جميلة. فكيف سنعيشها بقلب مغلق؟ قد نواجه بعض الخيبات، لكن هذا لا يعني أن نتوقف عن مواصلة الحياة.

الأسرة: التربية البيتية والعلاقات السائدة في الأسرة وسلوك الوالدين مع أبنائهم ينعكس عليهم في الكبر ويؤثر على شخصيتهم بالإيجاب أو السلب.

الزواج من أخت الزوجة المتوفاة: لا تزال هذه العادة موجودة في مجتمعنا، فيتدخل الأهل لزواج ابنهم في حال وفاة زوجته من أختها، متجاهلين أي أمور أخرى.

كل الشكر والتقدير للروائية الاستاذة صباح بشير .

21\8\2024

 

تعبّر هذه المواضيع المنشورة عن آراء كتّابها، وليس بالضّرورة عن رأي الموقع أو أي طرف آخر يرتبط به.

شاهد أيضاً

د. خالد تركي: نافذتي تُطلُّ على رواية “قِلادَةُ ياسَمين”

د. خالد تركي نافذتي تُطلُّ على رواية “قِلادَةُ ياسَمين” القُدسُ هي قدسُ أقداسِنا، هي زهرة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *