نادي حيفا الثقافيّ: كلمة الأستاذ فتحي فوراني في أمسيته التكريميّة 18.4.2024 

 

فتحي فوراني:

كوكتيل ثقافي والثلاثي الثقافي على طريق الإبداع

الإخوة والأخوات..

أسعدتم مساء

يطيب لي في هذه الأمسية أن أكون متفائلًا. وأنا في هذا لست مبدعًا، ولن آتي بما لم تستطعه الأوائل، إنما مكره أخوكم لا بطل. ففي هذا الزمن العبثي تختل الموازين فنلجأ إلى المقامرة والمغامرة والمتاجرة، ونتفاءل أملًا وطمعًا في أن تكون تجارتنا رابحة. فالتفاؤل هو خير لنا وأبقى وهو ما تبقى لنا في هذه الأيام العبثية المشوهة. وفي حضرة المبدعات الثلاث أيقونات المشهد النقدي، أقف حائرًا وأحاول أن أمسك بالبوصلة.

أحاول أن أتربص بالكلمات التي تليق بالمقام، فيختلط عليّ الأمر، أصيب في واحدة ويكون من نصيبي الخطأ في اثنتين أو ثلاث، ولست أدري لماذا! أهو الزمن المشاغب الذي يمشي على رأسه ويتخطى حدود المنطق؟ أهي الحالة العبثية؟ أهو الزمن المشوه الذي فقد التوازن وأصبح لغزًا غامضًا يستعصي على الأفهام؟ ربما..لست أدري!

وبعد.. لا بدّ من التحيات، تحياتي إلى الثلاثي النقدي الذي يزين المشهد الأدبي في هذا الوطن، والذي تربطني به علاقة المنابر الثقافية، والعلاقات الاجتماعية التي تسودها المودّة والاحترام المتبادل وثقافة العيش والملح.

عن هذا التراث..قالت العرب: لقد أكلنا من صحن واحد، ومن هذا الصحن الثقافي تناول الثلاثي رنا أنيس رشيد أبو حنا النصراوية، والأديبة صباح بشير المقدسية، ود. رباب سرحان الراموية.

لقد أبدع هذا الثلاثي واحتل مرتبة رفيعة في خارطة المشهد الأدبي في وطن الآباء والأجداد.

لن أتحدث عن رنا التفاحة التي سقطت قريبًا جدًا من شجرة المحامي المثقف أنيس رشيد أبو حنا صديق الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري (أبو الفرات)، فذات يوم ثقافي في بلغاريا جلس الجواهري على كرسي الاعتراف وشهد أن أنيس الفلسطيني يحفظ شعر الجواهري العراقي أكثر منه. وكان صباح وكان مساء فأمطرتنا رنا برسائل حب ليست من هذا العصر.

ولن أتحدث عن د. رباب المبدعة التي صرحت لي أنني كنت السبب في الكلمة الطيبة التي انطلقت من ورشتي الإبداعية وحلقت بها في سماء النقد الأدبي. وذلك في حوار معها اكتشفت من خلاله أنها ابنة صديقي ورفيق دربي المبدع د. نبيه القاسم. وكان لي الشرف أن نكون معًا على المنابر الثقافية في هذا الوطن.

ولن أتحدث عن المبدعة صباح بشير التي أطلعها تراب زهرة المدائن، فراحت تحلق في سماء الأدب وتنشر طيب إبداعها في جميع أنحاء الخارطة العربية، وتكرمت علينا صباح برحلة ممتعة إلى ذات امرأة ورسائل من القدس وإليها مناصفة مع الكاتب المقدسي جميل السلحوت.

قال محيي الدين بن عربي: كل مكان لا يؤنث لا يعوَل عليه. لقد تأنثت هذه الأمسية بمبدعات ثلاث: رباب وصباح ورنا، فكان لها نكهة مميزة. تحياتي لكن جميعًأ أيتها الصديقات المبدعات، عناوين المشهد الثقافي. بأمثالكن فلتكن النساء، وليكن الرجال أيضًا!

تحياتي إلى نادي حيفا الثقافي وسادنه الأخ العزيز فؤاد نقارة حامل البوصلة الثقافية ومعه رفيقة دربه سوزي. تحياتي إلى المجلس الملّي الوطني الأرثوذكسي راعي هذه الأمسيات الثقافية ممثلًا بالأستاذ جريس خوري أبي الوليد.

وسائرًا على خطى أبي سلمى سادن النادي الأرثوذكسي العربي، تحياتي إلى جميع الإخوة الضيوف والأصدقاء والكتاب والشعراء الذين تكبدوا عناء السفر، وأثروا بحضورهم هذه الأمسية الثقافية وأكسبوها مذاقًا له نكهة مميزة، فنحن معًا نرفع راية الأمل والتفاؤل ونرجو أن يكون القادم أجمل وأفضل.

ألم يرسم الطّغرائي معالم الطريق المشتهاة؟ ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل. أيها الأصدقاء ذات يوم أطلق الشاعر التركي ناظم حكمت نداءه من غياهب السجون في استنبول، فرفع راية طرزها بأجمل ما قاله وأصبحت كلمته أيقونة عالمية يفخر بها الشعر التركي: إن أجملَ البحار لم نبحر إليها بعد وأجملَ أطفالنا لم يولد بعد وأجملَ أيامنا لم نعشها بعد وأجملَ ما أودّ أن أقوله لم أقله بعد.

18-4-2024

تعبّر هذه المواضيع المنشورة عن آراء كتّابها، وليس بالضّرورة عن رأي الموقع أو أي طرف آخر يرتبط به.

شاهد أيضاً

د. خالد تركي: نافذتي تُطلُّ على رواية “قِلادَةُ ياسَمين”

د. خالد تركي نافذتي تُطلُّ على رواية “قِلادَةُ ياسَمين” القُدسُ هي قدسُ أقداسِنا، هي زهرة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *