محمود جمال ريّان: شفا عمرو – مصدر الاسم والتّسمية

          

               شفا عمرو- مصدر الاسم والتّسمية

هناك اختلاف بين المؤرّخين وسكّان البلدة حول سبب التّسمية، وهذا تاريخيًّا يعود إلى فترة صلاح الدّين الأيّوبيّ. وتقول الرّواية أنّه خلال الحملة العسكريّة الّتي قادها صلاح الدّين الأيّوبيّ أمام الصّليبيّين، وصل أحدُ جنود صلاح الدّين واسمُهُ، عمرو إلى البلدة وكان يُعاني من مرضٍ أصابهُ، وعندما شرب من ماء العين شفي وأصبح يقال “شفا عمرو”[1].

يدّعي جبّور جبّور أنّ هذه الرّواية ضعيفة، فيكتبُ في كتيّب اسمه “شفاعمرو بين الماضي والحاضر” أنّ هذه الرّواية ضعيفة ولا يمكن الاعتماد عليها[2].

شفاعمرو؛ هو اسم المدينة من العهد العثمانيّ، ويُعتقد أنّه من عهد ظاهر العمر، وهو من أطلق عليها تسمية شفاعمرو. وقد كانت تُكتب شفاعمر بدون الواو إلى زمن قريب، ممّا يؤكّدُ كما يظنّ الباحثون أنّ الاسم من وَضعهِ. وقد دعاها جين دانفيل (Jean D’anville) الّذي زار المنطقة عام 1770 باسمها الحاليّ شفاعمرو Shefa- Amr.

ظهرت “الواو” لأوّل مرّة في كتابات الرحّالة “عبد الغنيّ النّابلسي” الّذي زارها لأوّل مرّة عام 1692، فسمّاها شفاعمرو مع الواو.

يبدو أنّ الاسم عبريّ وهو تحريفٌ إلى “شفار عم” من كلمة שפרעם العبريّة الواردة في التّلمود، عندما سكن بها المجلس اليهوديّ (سنهدرين) بعد خراب الهيكل، وقد حُرِّفت الكلمة عبر التّاريخ وسُمّيت بشفاعمرو، وفي هذا السّياق يذكر جبّور جبّور: “ومن المحتمل أن يكون هذا الاسم تحريفًا لكلمة (شفاعمرو) اسمها القديم الّذي عُرفت به في التّلمود، كبلدة قديمة معروفة في التّاريخ اليهوديّ، لا سيّما وأنّ مجلس السّنهدرين اليهوديّ انتقل بعد خراب الهيكل في القدس إلى “يبنه” أوّلًا ثمّ إلى هوشه (أوشا) ومنها إلى شفاعمرو، ثمّ إلى صفوريّة وصفد”[3].

كلمة שפר بالعبريّة معناها جميل، أمّا باللّغة الآراميّة: שפרא= יופי- جمال، أو שופר עם ومعناها بوق الشّعب (מלון אבן שושן).

شفاعمرو قضاء حيفا، “عام عاد” بمعنى منزل، وهو اسم كنعانيّ وقد ذكرها الرّومان في خريطة الجليل الرّومانيّة باسم (shefar – amer) وتعني ساحل/ شاطئ.

أمّا الأرجحُ أنّ الاسم مركّبٌ من سيفار بمعنى شواطئ أو سواحل، أو “شفيلة” بمعنى الأرض المنخفضة، و”عمرو” من جذر عمر العربيّ القديم؛ ومعناه الكثرةُ والوفرة والعمران، والغمرُ من القشّ.

أمّا العالم الجغرافيّ العربيّ ياقوتُ الحمويّ من القرن الثّاني عشر ميلاديّ، فقد ذكرها في كتابه (معجم البلدان، ج3، ص 400) “شَفْرَ عَمّ” بفتح أوّله وسكون ثانيه وفتح الرّاء ثمّ عين مُهملة مفتوحة، وميم مُشدّدة؛ قرية كبيرة بينها وبين عكّا بساحل الشّام ثلاثة أميال، بها كان نزل صلاح الدّين يوسف بن أيّوب على عكّا سنة 586 للهجرة، لمحاربة الفرنج الّذين نزلوا على عكا وحاصروها”.

أمّا الرّحالّة الفارسيّ ناصر خسرو فقد ذكرها سنة 1074م في كتابه سفرنامه، ص 18 باسمها العبريّ “شَفرعم”[4].

كما ذكرها بهذا الاسم أيضًا ستيفن رنسيمان في كتابه “تاريخ الحروب الصّليبيّة” الجزء 3، سنة 1191 [5].

وقد ذُكرت بهذا الاسم بالخارطة الفلسطينيّة الّتي طُبعت سنة 1917، وهي نسخة طبق الأصل عن الخارطة الصّليبيّة والّتي تحمل اسم Palesten Exploration Fund والّتي تظهر فيها شفاعمرو بوضوح، كما وتظهر في الخريطة جنوب البلدة بركة الصّوفره (حيّ البركة) وهو المكان الّذي كان الحجّاج يستريحون فيه، ويَستَقون في ذهابهم وإيابهم من وإلى النّاصرة[6].

هناك اعتقادٌ رَفرفَ فوق أفق شفاعمرو، “أنّ المدينة اكتسبت هذا الاسم بعد القرن الثّامن عشر من قِبَل “ظاهر العُمَر الزّيداني” بحيث استطاع أن يرفع مكانتها الإداريّة بعد منحها مركزًا إداريًّا ولِتطوّرها الاقتصاديّ ومنظرها المعماريّ، بعد إقامة قلعة ظاهر العُمر الّتي ما زالت شاهدةً على هذا التّغيير حتّى أيّامنا”[7].

[1] . يُنظر: طارق محمود بصول. شفاعمرو- تحوّلها من قرية إلى مدينة في أواخر العهد العثمانيّ (1720- 1914)، ط1. حيفا: مكتبة كلّ شيء. 2021،

   ص 47.

[2] . جبّور جبّور. موقعها: شفاعمرو بين الماضي والحاضر، أرشيف بلديّة شفاعمرو، 1962، ص 5. ويمكن الرّجوع إلى المصدر الأوّل للاستزادة.

[3] . م.ن.، ص 5.

[4] . بلديّة شفاعمرو. الموقع الرّسميّ.

[5] . ستيفن رنسيمان. تاريخ الحروب الصّليبيّة، المجلّد الثالث. بيروت- لبنان: دار الثّقافة. 1997، ص 101.

[6] . الموقع الرّسميّ لبلديّة شفاعمرو.

[7] . ينظر: شفاعمررو تحوّلها من قرية إلى مدينة في أواخر العهد العثمانيّ، م.س.، ص 48.

تعبّر هذه المواضيع المنشورة عن آراء كتّابها، وليس بالضّرورة عن رأي الموقع أو أي طرف آخر يرتبط به.

شاهد أيضاً

د. خالد تركي: نافذتي تُطلُّ على رواية “إِيفانوف في إِسرائيل”

د. خالد تركي نافذتي تُطلُّ على رواية “إِيفانوف في إِسرائيل” شاهدٌ على النَّكبة     …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *