كلمة د. صالح عبّود في أمسيّة إشهار ديوانه: “أوراق الغروب” في نادي حيفا الثّقافيّ، بتاريخ (11.1.2024) 

KODAK Digital Still Camera

د. صالح عبّود

كلمة د. صالح عبّود في أمسيّة إشهار ديوانه: “أوراق الغروب” في نادي حيفا الثّقافيّ، بتاريخ (11.1.2024)

وُلِدْتُ معَ الغُروبِ بِبَرِّ حيفا

وفي عَيْنَيَّ بَحْرٌ لا يُبالي

وَسِرْتُ العُمْرَ أَبْحَثُ في جوابٍ

فَيُغْنيني قَضائي عنِ سُؤالي

كذا الإنسانُ يَحيا ثمَّ يَهْوي

نَهارُ العُمرِ تَطْويهِ اللَّيالي

يَدورُ الوقتُ عامًا بعدَ عامٍ

وَفَضْلُ المَرْءِ خاتِمَةُ المآلِ

وَعَوْدٌ بعدَ تَمهيدٍ وَصَدْرٍ

إلى حيفا وناديها المِثالي

ففي النادي المثقّفِ يَعتَريني

بِسُلطانِ المَهابَةِ وَالجَلالِ

شُعورٌ فيهِ يَلْزَمُني خُشوعٌ

وَيَصْحَبُهُ منَ الطَرَبِ التَعالي

دَعَوْتُ الحاضرينَ إلى احْتفالٍ

بِيَومٍ أمْطَرَتْ سُحُبُ الشَمالِ

دُموعًا أفْرحَتْ سَهلًا وَوَعْرًا

فَسالَ الخَيرُ يُبْلِغُني نَوالي

فَنِلْتُ بِمَحْفَلِ الكُرماءِ شأنًا

عَظيمًا قدْ تَسَنَّمَني العَوالي

وجوهًا قد تَلَقَّتْني بِنورٍ

يُعَوِّضُني الشموسَ معَ الهِلالِ

فشكرًا للحضورِ بنادي حَيفا

نساءً قدْ شَكَرْتُ معَ الرِجالِ

وَمِنْ هذا الذي قَصَّرْتُ فيهِ

عنِ الشُكرِ الطويلِ المُستطالِ

أُعبِّرُ عنْ شعورٍ قدْ حَواني

بِكلِّ بَشاشةٍ وَهدوءِ بالي

وبَعْدَ بِدايتي سَأَقولُ نَثرًا

وَأرْميكم بِرائِعةِ ارتِجالي

***

أَوْراقُ الغُروب كُلُّ وَرَقَةٍ مِنْ تِلْكَ الأَوْراقِ قَدْ كَتَبَتْ صالِحًا قَبْلَ أن يَكْتُبَها، ويَجْمَعَها مِنْ شَفَقِ النَفْسِ وَالروحِ، هيَ تِسْعٌ وَخَمسونَ حالَةً مِنْ مَواقيتي مَعَ الذاتِ: جَبْرًا وَتَكْسيرًا، جَلاءً وَتَشْفيرًا، تَحْذيرًا وتَبْشيرًا، تَسْليمًا وَتَثْويرًا… تنتظرُ جميعُها ورقةً هيَ الستّينْ، هيَ البدايةُ، سَيّدَتي التي لا أقدرُ على البَوحِ بها إلّا مَعَها وَحدَها؛ حتَّى معَ غَفلَتِها عنَّي فوقَ وَهْمِ الأفْنانِ الفانيةْ… كلُّ ما جَمَعَتْهُ أوراقُ الغروبِ كانَ نسيمًا يَصْدُرُ أصلُهُ من أعماقِ سبيلي، التي خَلّفَتني سِرًّا يتطايرُ جَهرًا بينَ أسرابِ الحروفْ.. في لحظةِ شَجاعتي كَتَبْتُ، دَوَّنْتُ، وجدْتُ ذاتًا أُضيعُها فَأَجِدُها في عُزلَتي، فَأَحْكي عنها، وأنا تُحرِقُني الكلماتُ، فَأوقِظُ أحلامي مِن وهمِ الذاتِ، وَأحْفِرُ في أخدودِ مَوتي صخرةَ الليلِ، وَأنا أهذي بالرحيلِ الذي لا يَرْحلْ، وَلا شيءَ! لا شيءَ! وَصَدِّقوني هذهِ المرّةَ! لا شيءَ منَ الموتِ في ذاتِنا أَفْضَلْ! أُقَلِّبُ النهارَ بَينَ عَتمةٍ وَشرودٍ، وَأوراقُ الغروبِ تُشرِقُ في ذاتي، في مهبِّ آلامٍ وَحَنينْ! ليسَ لي مِنْ وَرقاتي أَكثرَ مِمّا لَكُم أَنْتُمْ! فَهِيَ ورقاتٌ لَيْسَ إلّا! كُتِبَتْ بِرسْمِكَ يا غُروبْ! فارْحَمْ، فكلُّ ما خلا الرحمةَ حرامٌ وَحرامْ!

تعبّر هذه المواضيع المنشورة عن آراء كتّابها، وليس بالضّرورة عن رأي الموقع أو أي طرف آخر يرتبط به.

شاهد أيضاً

د. خالد تركي: نافذتي تُطلُّ على رواية “قِلادَةُ ياسَمين”

د. خالد تركي نافذتي تُطلُّ على رواية “قِلادَةُ ياسَمين” القُدسُ هي قدسُ أقداسِنا، هي زهرة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *