كلمة الكاتبة والنّاقدة صباح بشير في أمسية كتاب “رحلة من العطاء”

كلمة الكاتبة والنّاقدة صباح بشير في أمسية كتاب “رحلة من العطاء”

 

مساء الخير.. مساءٌ يطيب بالحرف والكلمة الرّاقية، يزهر وردا في بساتين الثّقافة، وينشد لحنا في سماء الإبداع.

نجتمع اليوم في أمسية استثنائيّة، يزدان عبقها بعطر الإنجاز؛ لنحتفل بإصدار الكتاب التوثيقيّ الأوّل لنادي حيفا الثّقافي، “رحلةٌ من العطاء”.

وهي رحلةٌ تُلهم الحاضر، تنثر عبيرها في حقول الذّاكرة، وتنير درب الأمل والوعد، وقد تُوّجت اليوم بهذا الإصدار الأوّل، كفاتحة خير لسلسلة من الإصدارات التي ستخلّد وتؤرّخ لمسيرة النّادي، ورحلته الحافلة بالإنجازات.

هذا الكتاب “رحلةٌ من العطاء”، هو بمثابة شهادة على نشاط النّادي وما قدّمه من عمل في سبيل خدمة المجتمع. مباركٌ له هذا الإنجاز الذي يضاف إلى خزائنه الثّقافيّة.

لقد تشرّفت بالمشاركة في إعداد هذا الكتاب إلى جانب الأستاذ المحامي فؤاد نقّارة، خلال عمل مثمر تطلّب صبرًا ومثابرة، وامتدّ لأيام من الجهد المتواصل في جمع التّقارير المكتوبة سلفًا.

قمنا بجمعها وترتيبها حسب تواريخها، وبدأنا بمراجعتها وتدقيقها، تصحيحها وترتيبها وتنسيقها وتعويض ما نقص منها، ونشرها بتصرّف؛ ليخرج هذا الكتاب في ثوبٍ أنيقٍ، وبشكلٍ لائقٍ يرتقي بالمستوى المطلوب.

لقد كانت رحلةً دؤوبةً نفخر بها وبما أنجزناه بكلّ التّفاني والإخلاص. وها نحن الآن، نواصل هذا الجهد؛ لتوثيق كافّة نشاطات النّادي منذ عام 2012م ، لتنطلق هذه الكتب عبر سلسلةٍ من الإصدارات.

إنّ هذا المشروع يمثّل خطوةً هامّة في الاتجاه الصحيح، وما هذا الكتاب الأول إلا فاتحةٌ للعطاء الذي تواصل على مدار السنين، حاملاً مشعل الثّقافة والمعرفة، ومعزّزًا للحوار والتّواصل بين أدبائنا وشعرائنا وكتّابنا الكرام.

 تجدون بين صفحات هذا الكتاب، مقتطفاتٍ موجزة من مداخلاتٍ صاغها أصحاب الفكر والقلم، وبعض التفاصيل التي تعكس التزام النّادي، بتشجيع المشاركة والابتكار في مختلف الميادين الثّقافيّة. وبالكلمة والصورة، نقدّم لكم نظرةً سريعةً حول الفعاليّات والأحداث التي أثرت مشهدنا الثّقافيّ المحلّيّ خلال عام 2022، ونسلّط الضّوء على دور النّادي الرّياديّ المحوريّ.

الحضور الكريم:

منذ فجر التاريخ، والإنسان يحاول أن يخلد ذكراه، وأن يترك بصمةً على هذه الأرض، فكانت الكتابة رفيقة رحلته، يوثّق بها لحظاته ويرسم من خلالها حكاياته على صفحات الزّمن. فالكتابة حكاية لا تنتهي، ومع كلّ حرف نكتبه، نحتفظ بلحظات عابرة، نوثّقها ونحافظ بها على ذكرياتنا لننقلها للأجيال القادمة، ونضيف صفحة جديدة إلى تاريخنا، ونخلّد الذكرى في هذه الحياة. فالتّوثيق هو ذاكرةٌ للأيام ومرآةٌ للأجيال، وسجلٌ تاريخيّ يحافظ على هويّتنا وإرثنا، ويلهم الأجيال القادمة.

وهو واجب ملح يحفز على الإبداع، ويساهم في بناء الذّاكرة الجمعيّة، ويعزّز الشعور بالانتماء والفخر بالإنجاز.

من هنا، فتوثيق نشاط النّادي ودوره الحيويّ المؤثّر، مسؤوليّةٌ وواجبٌ ثقافيّ، وما من شكّ، فهو جزءٌ أساسيّ من الجهود الرّامية إلى الحفاظ على مشهدنا الثّقافيّ.

هذا التوثيق، هو إنجازٌ إضافيٌّ نزيّن به ذاكرة النّادي وخطوط رحلته عبر الزّمن، وذلك لإلهام الحاضر، وضبط بوصلة مسارِه.

وهكذا، تظلّ ذاكرتنا خضراء، وبيادرنا ملأى بِمواسم الحصاد، وذلك بإعادة التّذكير بالماضي وتفاصيله، وإحياء ذاكرتنا المخبّأة في صناديق تلك الأُمسيات، التي حبكتها أيادي الخير. حاكت خيوطها برويّة، ودوزنت نبضاتها على نغمات البذل بكلّ ألوانه البهيجة.

هذه الكتب التّسجيليّة، ما هي إلاّ ضمانةٌ للحفظ ونقل إنجازات الروّاد، وأفكار النّخبة من المثقّفين، الذين مرّوا بهذا المكان بأقلامهم، وأفكارهم وإصداراتهم وجهودهم، وشاركوا في فعالياته المتنوّعةِ. ونحن نسعد بتقديمها كبذرةٍ خيّرةٍ تنبت عطاءً متواصلاً على هذه الأرض، وتثمر بقلوبٍ مفعمةٍ بالمحبّة والخير، وأرواحٍ عامرةٍ بالأمل والتفاؤل.

إنَّ هذا النّجاح الذي يحقّقه نادي حيفا الثّقافي، يبعث على الإلهام والفخر والاعتزاز، فهو حافزٌ لأعضاء النادي وروّاده على الاستمرار والمشاركة الفعّالة في مبادراته الثّقافيّة، وتحقيق المزيد من النّجاحات التي تجسّد التميّز، وتعانق حيفا وتضيء سماءَها، وتخلق محيطًا إبداعيّا يمتدّ بتجليّاته ومحطّاته إلى كلِ أنحاء البلاد؛ لينعشها بفعاليّاته المتنوّعة، وبشغف الإبداع والخلق، وروح العمل الجماعيّ.

فهنيئًا لنادي حيفا الثّقافي ما زرع، وهنيئا لنا هذا الحصاد، هنيئا له هذا الغرس الطيّب، وهنيئًا لنا هذا الينبوع المتدفّق من الإبداع والإلهام.

نقدّم الشكر لكلّ من ساهم في بناء وتطوير هذا الصّرح الثّقافيّ؛ ليغدو اليوم منارةً ثّقافيّة تنير القلوب والعقول.

كلّ التحيّة والتّقدير للأستاذ المحامي فؤاد نقّارة والسّيدة سوزي، والشكر موصولٌ أيضًا للمجلس الملّيّ الأرثوذكسي الوطني، وللدكتورِ حاتم خوري، وللصُّندوق الثّقافي في حيفا.

نعتزّ بهم، وبكم جميعا، ونشكر حضوركم ونتطلّع إلى المزيد من النّجاحات والإنجازات المثمرة، ونتمنى لهذا النّادي العريق دوام التّقدّم والتألّق والعطاء.

 

 

شاهد أيضاً

عدلة شدّاد خشيبون: فؤاد مفيد نقّارة في صيده وصنّارته

عدلة شدّاد خشيبون فؤاد مفيد نقّارة، في صيده وصنّارته صيّاد.. هو ذاك الذي يحمل بيده …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *