كلمة أ.د. ياسين كتّاني في أمسية كتب النّادي التّوثيقيّة/ 15.05.2025

 

يطيب لي أن أكون معكم اليومَ في هذه الأمسيةِ البهيجة التي نحتفل فيها بصدور كتابين آخرين يستعرضان نشاطات نادي حيفا الثقافي في مجالات الأدب والفنّ والثقافة، من إعداد الأستاذ المحامي فؤاد نقارة والأديبة والناقدة صباح بشير:

الأوّل: “سنوات من العطاء 2” للأعوام 2016-  2018 ، من سلسلة الإصدارات التوثيقيّة

الثاني: ” في رحاب العطاء” للعام الماضي 2024

هذان الكتابان شهادةٌ مشرِّفةٌ لجهود النادي في إثراء الثقافة المحليّة، وفي إرساء مداميكَ صُلْبَةٍ لمستقبلِ الإبداع والحفاظ على هُويّتِنا وإرثِنا الثقافيِّ في هذه البلاد.

السيّدات والسّادة..

تَصْدُرُ مشاريعُ النادي الجليلةُ والنوعيّة عن صفوةٍ من الأخيار يتحلَّوْنَ بالإرادةِ والثقةِ بالنفس والإيمانِ الراسخِ بقُدُرات بناتِ وأبناء شعبِنا في مجالات العلم والأدب، ولا يكادُ هؤلاء الأبرارُ يطمئنّون إلى نجاح حتى يتطلّعوا إلى سواه، في توقٍ دائمٍ إلى المزيد من العطاء والإبداع. فلتَسْلَمْ مُرُوءَتُكم أيُّها النبلاء، ولتَسْلَمْ نفوسُكُم الزكيّة!

لقد باتت مشاريعُ النادي ومبادراتُه مصدرَ إلهامٍ ومحاكاةٍ لدى الكثيرين من مختلف القرى والمدنِ العربيّة، تستفزّون بهم أريحيّةَ الخَلقِ والإبداع، فإذا أنتم سعداء بهذه العدوى وذاك الحراك، ولا غروَ فتلك كانت رسالتُكم وها هي ذي تتحقّقُ أمامَ ناظريكم، ولا أجدُكم تمُنُّونَ على أحد بسَبْقِكُم وريادَتِكُم، كما لا أجد عيونَكم تضيق بهذا التقليد.

الإخوة والأخوات..

يسرُّنا أن نلتقيَ معكم، مع هذه الكواكب الزاهرةِ من الباحثين والأدباء والفنّانين ورجال الفكر والمؤرّخين وعمومِ المثقّفين من بنات وأبناء شعبِنا، مَنْ بلغتْ أريحيّةُ البذلِ في نفوسِهِم تمامَها، مستجيبين أبدًا لنداء الواجب والعطاء وخزائِنُكُم ممتلئةٌ أبدًا، وهذه مناسبة طيّبة كي نعبّرَ لكم عن امتنانِنا العميق لفضلكم ومُرُوءتكم.

يهدف نادي حيفا الثقافي من خلال هذه الاحتفاليّةِ إلى بناء الوعي وتوسيعِ دائرةِ الاهتمام لدى الأكاديميين والمبدعين، ولفتح البابِ على مِصراعَيْه للرؤى الجديدة والمقترحات البنّاءة والأفكار المُبْدِعَة الخلّاقة.

تقَرُّ أعيُنُنا بما تحقّق وأُنجِز في النادي، ونطمحُ إلى آفاق أرحب، بعزيمة أكثرَ مضاءً، لا تخبو ولا تفتُر:

– نتطلّعُ إلى إقامة ورشات تدريبية في الكتابة الإبداعيّة ينظّمها النادي ويمرِّرها كبارُ المبدعين في البلاد بمختلف فنون الأدب.

– ونتطلّع الى شراكات مع مراكز ومؤسسات عليا ومع كليّات الآداب في الجامعات والكليّات وتوسيع دائرة الاهتمام لتتمخّضَ عنها أعمال مرموقة ذات عمق وتأثير.

-ونتطلّع إلى أرشفة الأدب العربي الفلسطيني المحلّي وإبرازِه والمحافظةِ عليه، ليغدوَ النادي مرجِعًا معتَمَدًا لهذا الإرثِ العزيز

– وكذلك، تستلزِم هذه المرحلةُ تجنيدَ الميزانيات من أجل إقامة مسابقاتٍ في مجال الإبداع الأدبي والفنّي وفي مجالات ثقافيّة مختلفة، بُغيةَ شحذِ الهمم وتعزيز الإنتاج، وليغدوَ النادي قِبْلَةً للمهتمّين والمبدعين

– وللنادي أن ينشطَ بفعالياتٍ مثريةٍ مع المدارس في أرجاء البلاد ومع المكتبات العامة ومراكز الشبيبة وغيرها (كما بدأ يفعل مؤخّرًا)

إنّ التزامَ نادي حيفا الثقافي بمبادئ الموروث العربي الفلسطيني والتزامَه بترسيخِ وتطوير وتعميم الثقافةِ العربية الفلسطينية في هذه الديار لهو التزامٌ راسخٌ يصدُر عن إيمان قويّ بطاقات هذا الشعب وقدرتِه على التجاوزِ والتخطّي.

ما تفتَأُ هذه المؤسّسةُ، بجهود مديرِها الأستاذ المحامي فؤاد نقارة وعقيلتِه ومساعديه النجباء، وببركة أهلِ الأرض الكرام، المجلسِ الملّي الأرثذوكسي، ما يفتأون يسجّلون نجاحًا تلوَ آخر، ويَسْطُرون بفخر واعتزاز حروفَ هذه الملحمةِ المشرِّفة من العطاءِ وسيرورةِ الارتقاء.

يتمحور مشروع نادي حيفا الثقافي بالإنسان العربي في هذه الديار، ويعزّزُ من انتمائه وزُهُوِّه بلغتِه وهُويّتِه؛ ليعبّرَ عن مكنوناته بجرأة وبسالة، ويحملُ همومَ مجتمعِه ويعرفُ الغايةَ التي ينشُدُها فيسلكَ طريقَها غيرَ هيّاب. هذا ما يعتقدُ نادي حيفا الثقافي أنّه يصنَعُه ويشكِّلُه بهِمَمِ صفوة الاكاديميّين والمبدعين، ذخيرةِ مجتمعنا وعزّتِه ورفعتِه لقادم الأيّام.

لا غروَ إذن أن يجعلَ النادي لِلّغة العربيّةِ وآدابِها القِدْحَ المُعَلَّى، فيبادرَ إلى مشاريعَ ثقافيّةٍ متعدّدة: ندواتٍ ومعارضَ وإشهاراتٍ وتكريمات (وسائر النشاطات الأخرى التي يضمُّها الكتابان المُحْتَفَى بهما)، واضعًا نُصْبَ عينيه شحذَ الهِمَمِ وتحريكَ المياه الراكدة والإسهامَ الجليلَ في إنتاج المعرفة، وساعيًا في الوقت نفسِه الى التقاء هذه الصفوةِ من الاكاديميّين والمبدعين والمثقفين كلَّ أسبوع على دروب العلم والإبداع والمحبّة.

ختامًا، نشكر نادي حيفا الثقافي على مبادرته ودعوته الكريمة، كما نشكر كلَّ من شارك في هذه المسيرة الثقافيّة الثريّة، ولسوف يظلُّ هذا الزَّخَمُ منارةً للأمل والتغيير لغدٍ مشرقٍ عزيز.

تعبّر هذه المواضيع المنشورة عن آراء كتّابها، وليس بالضّرورة عن رأي الموقع أو أي طرف آخر يرتبط به.

شاهد أيضاً

محمّد علي سعيد: إضاءة في قصّة اليافعين “طريق الأمل” للكاتبة صباح بشير.

محمّد علي سعيد إضاءة في قصّة اليافعين “طريق الأمل” للكاتبة: صباح بشير. عنوان الكتاب: طريق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *