عدلة شدّاد خشيبون: حنين الزّنابق

عدلة شدّاد خشيبون

حنين  الزّنابق

 

 

ماتت أمّي ولم أكن صغيرة، ولكن بموتها صَغُرت بي الحياة وعدتُ أصغر من صغيرة! غيّب الموت أمّي فغيّب عنّي حفنة حنان، وقبضة مشاعر هي رصيدي في الحياة، وغابت رائحة القهوة والرّغيف.

ماتت أمّي ولم تمت ذكراها، فما زلتُ أراها في تفتّح زنبقها الأبيض، إنّه زنبق أمّي وأعرف أنّه زنبق أمّك وامّها، أجل إنّه زنبق الامّهات برقّته  وثبوته وجمال قلبه والبياض.

ماتت أمّي ولم ترَ تجاعيد وجهي والأنين، لكنّها لم تمت بداخلي ولم يمُت الحنين.

ماتت أمّي ولم تمت أمومتي؛ فلا تقلقوا ولديّ البشير والإميل.

ماتت أمّي ولم تمت ضحكتي التي هي انعكاس لضحكتها.

ماتت أمّي ولم يمت الوداد ولم ينته مشوار العطاء.

لأنّ أمّي لم تمت بل انتقلت إلى الامجاد السماويّة، عروس هناك في السّماء.

أنا اشبه أمّي، في بحّة صوتها ورقّة قلبها، والدّموع المنسابة من مقلتيها، أنا دمعتها وابتسامتها.

عذرًا أولادي إن أنا تركت اليوم غرفتي ولم اقد سيّارتي بل حلّقت بروحي إلى السّماء، وغصت بجسدي في محيط الأعماق، وكطفلة ركضت بين الزنابق وقطفت زنبقة بيضاء من زنابق الوداد، وضعتها على ثراها وبكيت حتّى تزهر، وأتيت بابتسامة تُحييني من جديد من أجلكم ولأجلكم.

كلّ عامّ وأمّهاتنا زنبقات أرواحنا، ينعمن بالمحبّة والعطاء.

شاهد أيضاً

مهيب البرغوثي: أنا لا أحد

  مهيب البرغوثي أنا لا أحد لا ظلاً أساوره الشكوك ، ويتبعني منزعجا ، لا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *