إياد خليليّة
“طريق الأمل” قصّة جميلة لليافعين
أخذتنا الكاتبة المتألّقة صباح بشير، في قصّتها الجديدة لليافعين “طريق الأمل، في رحلة مع عائلة وادعة، تتكوّن من الأم ريم والأب أكرم وابنهما أشرف.
انقلبت حياة أشرف رأسا على عقب بعد أن ألمّ المرض بوالدته، فغابت عنه بهجة الطّفولة الّتي كان يعيشها بين أحضان والديه، مستمتعا مع أمّه بلحظات جميلة في الحديقة بين الأزهار المتفتّحة والأشجار الخضراء.
لكنّ المرض اللّعين أصاب أغلى أحبّائه عليه، أمّه ريم، فأدخله في دوّامة من القلق. وعلى الرّغم من مرارة المرض، استطاعت الأمّ ريم أن تستمدّ القوّة من ابنها الصّغير أشرف ومن زوجها، بفضل الحبّ.
كان هذا الحبّ مصدر قوّة الأب الذي ساند زوجته وطفله، وهو الدّافع الذي حفّزهم على البقاء والصّمود والمقاومة، حتى انتصروا على المرض بعد رحلة علاج طويلة.
خلال تلك الرّحلة، قرّر أشرف، ابن العشر سنوات، أن يكون جنديّا في معركة الشّفاء التي خاضتها أمّه في صراعها مع مرض السّرطان.
أبدعت الكاتبة في شرح مرض السرطان لطفل في مثل سنّ أشرف، فاستخدمت تشبيها مبتكرا بقطع اللّيغو لتبسيط فهم طبيعة هذا المرض.
لم تكتفِ الكاتبة بالتّشبيه بقطع اللّيغو، بل شرحت طبيعة مرض السرطان من خلال حلم رائع، حيث قام أشرف برحلة إلى داخل جسم الإنسان، زار فيها أعضاءه وتعرف على أنواع الخلايا ووظائفها.
كما أبدعت الكاتبة في تصوير التّفاعل الإنسانيّ مع المرض، مؤكّدة على أنّ الدّموع ليست دائما علامة ضعف، بل قد تكون تعبيرا صادقا عن الحزن ومصدرا للقوة.
أولت الكاتبة اهتماما كبيرا لأهميّة الدّعم المعنويّ للمريض، فأحاطته بمشاعر الحبّ التي تُعدّ سلاحه الأقوى في محاربة المرض، وركّزت على التمسّك بالأمل باعتباره الرّسالة الأهمّ التي سعت القصّة لإيصالها، خاصّة في ظلّ الظّروف الصّعبة التي يمرّ بها مجتمعنا، فالأمل والحبّ هما أعظم دواء للإنسان، وهل هناك أسمى وأعظم من هذه المشاعر؟
ولم تغفل الكاتبة عن التأكيد على أهميّة اتّباع العادات الصحّية، فتطرّقت إلى ضرورة تناول الفواكة والخضار، وممارسة الرّياضة، وتجنّب التدخين والإفراط في استخدام الكيماويات.
كما تطرّقت إلى مصارحة الأطفال بالمرض ومشاركتهم تفاصيل هذه المرحلة، فهذا يشعرهم بأهمّيتهم، ويساعدهم على تقبّل الوضع، والمشاركة في تخطّي المحنة، حتى ولو بأدوار بسيطة.
سلّطت الكاتبة الضوء على دور المعلّم والمرشد التربويّ في التوعيّة الثقافيّة، وأبرزت أهميّتهما في حياة الطالب وأسرته، خاصّة عند مواجهة الأحداث الطارئة التي قد تغيّر مجرى حياتهم، وقد أسعدني استخدام الكاتبة لتشبيهٍ قويّ مستوحى من تراث الأرض الفلسطينيّة وهويّتها الأصيلة، عندما شبّه أشرف قوّة أمّه وصلابتها بصمود شجرة الزيتون، “ذهب فلسطين الأخضر”، قائلا: “أنت أقوى من المرض، وكشجرة الزّيتون صامدة ثابتة لا تُهزم”.
أخيرا، تعدّ هذه القصّة رحلة ممتعة غنيّة بالمشاعر الإنسانيّة الدّافئة، تنتصر فيها في النهاية مشاعر الفرح والأمل.
لقد صاغتها الكاتبة صباح بشير بأسلوب أنيق وجرعة كبيرة من الأمل، قدّمت من خلالها طُرَقا للتعامل مع الأطفال وتعليمهم التوازن العاطفيّ والقبول والثبات والتحدّي للبقاء دائما على طريق الأمل.
صدرت القصّة عن دار سهيل عيساوي ونادي حيفا الثقافيّ، وتُظهِر أناقة الكتاب وجودة طباعته وخطّه وصوره التعبيريّة عناية فائقة من النّادي بهذا العمل الأدبيّ، فشكرا لنادي حيفا الثقافيّ، وشكرا للأستاذ فؤاد نقّارة الذي أهداني هذه القصّة القيّمة.
أتمنى للكاتبة صباح بشير المزيد من التألّق والعطاء.